تصريح بمقتضى الأمر عقلا فحينئذ إذا أقدم العبد على مخالفة المولى عن علم وعمد هتك لحرمة المولى، وخروج معه عن رسوم العبودية ومقتضيات الرقبة وهو ظلم خصوصا على مولى الموالى، ومن يتوهم أن الظلم على المولى لا يسوغ عقاب الظالم ومؤاخذته فقد كابر مقتضى عقله ووجدانه وتمام الكلام في محله.
ومنها: أن المبدء الخير لا يصدر منه إلا الخير، ولا يصدر منه الشر لعدم السنخية وعقاب المجرم شر فكيف يصدر منه، وهذا الأشكال جار حتى على الوجه الأول أعني كونه من لوازم الأفعال إذ لابد من خلو النظام عن الشر.
والجواب: أن اللازم خلو النظام عن الشر بالذات، وأما الشر بالعرض الذي كان بالذات خيرا فلا مانع من صدوره عن الخير المحض، وإفاضة العقاب الدائم على أهله كإفاضة الثواب الدائم على أهله عين العدل والصواب لأنها إفاضة محضة من حيث اقتضاء المورد القابل والشئ لا ينافي مقتضاه بل يلائمه وإن كان العذاب الجسماني من حيث تفرق الاتصال المنافر للبدن شرا بالإضافة إليه إلا أنه بالعرض.
ومنها: أن إيجاد من سيوجد منه الموبقات والمهلكات أو إيجاد نفس الموجبات لأنواع العقوبات على أيدي العباد مناف رحمة رب الأرباب.
وتحقيق الجواب بتمهيد مقدمات نافعة:
الأولى: أن لكل ماهية من الماهيات في حد ذاتها حدا ما هويا بحيث لو زيد عليه أو نقص عنه لخرجت تلك الماهية عن كونها هي، وكانت ماهية أخرى مثلا ماهية الشجر جوهر ممتد نام، فلو زيد على هذا الحد الماهوي الحساس خرجت عن كونها ماهية الشجر وكانت ماهية الحيوان كما أنه لو نقص عن الحد المذكور النامي خرجت عن الشجرية ودخلت في الجماد، وهكذا الأمر في الماهيات الأخر فلكل ماهية وجدان وفقدان.
الثانية: قد تقرر في مقره أن لماهيات الأشياء كائنة ما كانت نحو وجود في