وجه لحد مثله إرادة تشريعية فان متعلقها ايصال النفع إلى الغير بتحريكه وهو فعله لا فعل الغير إذا عرفت ما تلونا عليك فاعلم أن حقيقة إرادته تبارك وتعالى في مرتبة ذاته ابتهاج ذاته بذاته لما سمعت غير مرة أنه تعالى صرف الوجود والوجود بما هو وجود خير محض فهو صرف الخير والخير هو الملائم اللذيذ الموجب للابتهاج والرضا فهو صرف الرضا والابتهاج كما كان صرف العلم والقدرة لا أن منه ما هو علم، ومنه ما هو قدرة، ومنه ما هو إرادة، فالمراد بالإرادة الذاتية نفس ذاته المقدسة بالذات كما أن المعلوم في مرتبة ذاته بالذات نفس ذاته، وكما أن غيره بنفس علمه بذاته بالعرض والتبع كذلك غيره محبوب بالعرض والتبع بنفس محبة ذاته لذاته، وكما أن كل ما يوجد في دار الوجود له نحو من الحضور في مرتبة الذات لا بالذات لا بمرادية أخرى بالعرض لا بالذات، وإن كان لكل موجود معلومية أخرى، ومرادية أخرى في غير مرتبة الذات، ومن ذلك كله يظهر للفطن العارف أن النظام التام الامكاني صادر على طبق النظام الشريف الرباني، وهذا أحد الأسرار في عدم إمكان نظام أشرف من هذا النظام، وحيث لم يقع الكفر من المؤمن والأيمان من الكافر كشف ذلك عن عدم تعلق الإرادة الذاتية بهما وعدم دخولهما في النظام الشريف الرباني وإلا لوجدا في النظام التام الامكاني.
نعم من جملة النظام التام الذي لا أتم منه نظام انزال الكتب وارسال الرسل والتحريك إلى ما فيه صلاح العباد والزجر عما فيه الفساد فالمراد بالإرادة الذاتية بالعرض لا بالذات هذه الأمور دون متعلقاتها فلا أثر للإرادة التشريعية في صفاته الذاتية جلت ذاته وعلت صفاته لكنه لا بأس باطلاقها على البعث والزجر كما في الخبر الشريف المروى في توحيد الصدوق - قده - بسنده عن أبي الحسن عليه السلام قال (ع) " ان لله إرادتين ومشيتين، إرادة حتم، وإرادة عزم ينهى وهو يشاء ويأمر وهو لا يشاء (1).