الربط المحض إلى محض الاستقلال وهو محال، إذ الجاعل بالذات حيثية ذاته حيثية الجاعلية كما عرفت فان كان ذاته مستقلة كانت حيثية الجاعلية مستقلة، وإن كانت عين الربط والفقر كانت حيثية الاقتضاء والجاعلية عين الزلل والفقر إذ لا تغاير ين الحيثيتين حقيقة ومن هنا قلنا سابقا أن التفويض شرك بين إذا عرفت ذلك تعرف أن هذا الوجود الاطلاقي الذي حيثية ذاته حيثية الربط والفقر وكان له انتسابان حقيقة إلى الفاعل والقابل أثره كذلك (1) فمن حيث أن حيثية الأثر كحيثية المؤثر عين الارتباط تعرف أنه لا تفويض، ومن حيث أن الأثر كالمؤثر له انتسابان حقيقة تعرف أنه لا جبر فاثر كل مرتبة له جهتان جهة انتساب إليه تعالى حيث أنه أثر فعله الحقيقي الاطلاقي، وهذه جهة تلي الرب وجهة انتساب إلى العبد حيث أنه أثر وجوده لحقيقي وهي جهة تلي الماهية فكما أن وجوده وجوده حقيقة وبلا عناية، ومع ذلك فهو فعل الله وصنعه حقيقة كذلك إيجاده إيجاده حقيقة وبلا تجوز ومع ذلك فهو أثر فعله تعالى بلا مجاز فإذا تمكن العبد من نفى وجوده عن نفسه تمكن من في إيجاده عن نفس.
ولا يخفى عليك أن الأثر أنما ينسب إليه تعالى بما هو مطلق، وإلى العبد بما هو محدود ومقيد والا فجل جنابه تعالى من أن تستند إليه الأفعال التي لا تقوم إلا بالجسم والجسماني، ولو كان من الأعمال الحسنة فضلا عن الأعمال السيئة.
نعم ربما تغلب الجهة التي تلي الرب، وتندك فيها الجهة الأخرى كما في قوله تعالى * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى (2)) * فحينئذ ينفى الانتساب إلى المربوب وينسب إلى الرب ومن ذلك يظهره عدم استناد الأفعال السيئة إليه تعالى من جهة أخرى فتفطن وأفهم أو ذره في سنبله والله المسدد.