النافع أظهر هما ذكر، لأن المهر يختلف باختلاف البلدان اختلافا عظيما، وفيه بأمل. وقيد جملة من الأصحاب بل الظاهر أنه المشهور الحكم بلزوم مهر المثل بما إذا لم يتجاوز مهر السنة وهي خمسمائة درهم، إلا رد إليها، وادعى فعليه فخر المحققين الاجماع، مع أن والده في المختلف نقل الاختلاف في ذلك، وحكى القولين، ولم يرجح شيئا في البين قال بعد نقل جملة من الأقوال في المسألة:
بقي هنا بحثان: (الأول) هل يعتبر البلد؟ قال بعض علمائنا به، ويحتمل العدم (الثاني) أكثر الأصحاب على أنه لا يزيد على مهر السنة وهو خمسمائة درهم، لما رواه أبو بصير (1) عن الصادق عليه السلام (قال: سألته عن رجل تزوج امرأة فوهم أن أن يسمي صداقها) الخبر، وقد تقدم قريبا ثم قال: وهو غير دال صريحا على المطلوب، وقال بعض علمائنا: لا يتقدر بقدر، لما دلت الأخبار المطلقة عليه. إنتهى.
وربما أشعر ظاهره باختيار القول الأخير، حيث إنه طعن في رواية أبي بصير التي استند إليه الأكثر بأنها غير دالة صريحا على المطلوب ولم يطعن في دليل الآخر، وتوجيه ما أشار إليه في رد رواية أبي بصير وعمد دلالتها على القول المذكور، وما ذكره شيخنا في المسالك قال: بعد نقل الرواية: وفيها مع ضعف السند قصور الدلالة، لأن الكلام في المفوضة، ومورد الرواية ما إذا وهم أن يسمي صداقها، وهو يقتضي كونه أراد التسمية فنسيها، وهذا ليس من التفويض في شئ، وإن كان العقد قد وقع بصورة التفويض، فجاز اختلاف الحكم لذلك، ومن ثم ذهب بعض علمائنا إلى أن مهر المثل لا يتقدر بقدر لا طلاق الأخبار في ذلك، ثم نقل رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله، وموثقة منصور بن حازم وصحيحة الحلبي، إنتهى.
وبذلك يظهر لك أن الأظهر هو القول الآخر، وأن القول المشهور بمحل من القصور.