عليه خبر غياث الضبي وخبر أبي الصباح الكناني، إلا أنهما مطلقان فيحمل إطلاقهما على ما تضمنته الأخبار بذكر السنة.
والمفهوم من الأخبار وكلام الأصحاب أن العجز عن إتيان النساء الذي فسر به العنن ليس باعتبار بعض دون بعض، لأنه مرض مخصوص يمنع من حركة العضو وانتشاره مطلقا، وهو لا يختلف باختلاف النسوة، فأما مع العجز عن امرأة مخصوصة فإنه قد يتفق ويكون لانحباس الشهوة عنها بسبب نفرة أو حياء أو نحو ذلك، ولا يكون بذلك عنينا، وقد يكون له نوع اختصاص بالقدور على جماعها بالأنس بها والميل إليها وانتفاء ذلك من غيرها، ولا فرق في العنة عندهم بين كونها خلقية أو عارضة، ولا في العارضة بين كونها قبل العقد وبعده قبل الدخول، وأما بعد الدخول فقد تقدم أن الأشهر الأظهر عدم الخيار، وحيث يختار لها الفسخ فلها نصف المهر، وإن كان على خلاف القاعدة المقررة بينهم، لصحيحه أبي حمزة، وقد تقدمت وتقدم الكلام في ذلك والله العالم.
المطلب الثالث في التدليس: تفعيل من الدلس هو الظلمة، قال في كتاب المصباح المنير (1): دلس البايع تدليسا كتم عيب السلعة من المشتري وأخفاه.
وقال الخطابي وجماعة ويقال: دلس دلسا من باب ضرب، والتشديد أشهر في الاستعمال.
قال الأزهري: سمعت أعرابيا يقول: ليس لي الأمر دنس ولا دلس، أي لا خيانة ولا خديعة، والدلسة بالضم الخديعة أيضا. وقال ابن فارس: أصله من الدلسة وهي الظلمة، إنتهى.
أقول: ومنه يعلم أن لغة بمعنى الظلمة والخادعة وكأن المدلس لما أتى بالمعيب أو الناقص إلى المخدوع وقد كتم عليه عيبه ونقصانه أتاه به في الظلمة وخدعه.
قال في المسالك: والفرق بينه يعني التدليس وبين العيب أن التدليس لا يثبت إلا بسبب اشتراط صفة كمال، وهي غير موجودة أو ما هو في معنى الشرط،