قوله هي حرة انشاء أو إخبارا حكم عليه بحريتها إعمالا للسبب بحسب مقتضاه، وحينئذ فيصح العقد ويكون المهر لها دون السيد، لأنها قد تحررت، ويعتبر في صحة النكاح حينئذ إذنها سابقا أو إجازتها لاحقا كغيرها من الحرائر.
وإن لم يتلفظ بما يقتضي العتق بل تكلم بكلام يحتمل الحرية وغيرها فلا شئ للسيد، ولا للمملوكة، أما المملوكة فإنها لا تستحق من مهرها شيئا، والسيد وإن استحقه بالدخول إلا أن للزوج الرجوع عليه لتدليسه عليه وتغريره إياه، ولا وجه لدفعه إليه ثم استرجاعه منها.
وهل يستثنى للسيد أقل ما يصح أن يجعل مهرا وهو أقل ما يتمل أو أقل ما يكون مهرا لأمثالها كما ذهب إليه ابن الجنيد: قيل: لا، وهو ظاهر اختيار المحقق تمسكا بإطلاق ما دل على الرجوع على المدلس مما غرمه وإن كان هو المولى. وقيل: نعم لأن الوطئ المحرم في غير صورة التحليل يمتنع خلوه من العوض، وأجيب بأن العوض متحقق لكن يرجع به على المدلس.
أقول: قد تقدم الكلام في هذه المقام في المسألة الثالثة من المطلب الثاني، وقد ذكرنا ثمة أن ما ادعوه من هذه القاعدة، وهو أن الوطئ المحرم يمتنع خلوه من العوض على إطلاقه ممنوع، بظاهر الأخبار خلافه كما قدمنا بيانه وشيدنا بنيانه.
وإن كان المدلس أجنبيا رجع عليه بجميع المهر المسمى للمولى. قالوا:
ولو دفعه إليها في هذه الصورة؟ وتلف في يدها غرم مهرا آخر للسيد ورجع به على المدلس، لأن دفعه لها غير شرعي، حيث إن المهر للمولى، فيجب عليه دفعه مرة أخرى للمولى، ويرجع به على المدلس.
أقول: حيث إنه لم يرد في الأخبار ماله تعلق بهذه المسألة إلا رواية الوليد ابن صبيح المتقدمة بالتقريب الذي ذكرناه فيها، فإنه يعسر الجمع بينها وبين ما قرروه في هذا المقام في جملة من المواضع: