الشيخ علي بن بابويه في الرسالة، وابنه في المقنع على وجه الافتاء بها وأنت خبير بأن المستفاد من هذه الروايات بعد ضم بعضها إلى بعض هو أن الخصاء وإن كان عيبا إلا أنه يمكن الجماع معه كما ذكره الشيخ وغيره، ومن هذه الجهة لم يعده عيبا كما تقدم نقله عنه، قال: لأن غايته أنه لا ينزل، وإلا فإنه يبالغ في الايلاج أكثر من الفحل، وعدم الانزال ليس بعيب، وحينئذ فنقول إنه متى دخل الخصي بها وجب المهر. وهو مما لا إشكال فيه، وبه صرحت صحيحة علي بن جعفر، وعليه يحمل صحية ابن مسكان وموثقة سماعة، وإن لم يدخل بها فنصف المهر كما صرحت به صحيحة علي بن جعفر أيضا وعليه يحمل كلامه عليه السلام في كتاب الفقه الرضوي.
وبذلك يظهر لك أن ما ذكره هؤلاء الأجلاء في المقام فإنه نفخ في غير ضرام، ومبنى هذا الاشكال عندهم والاختلاف بينهم على دعوى دلالة صحيحة ابن مسكان وموثقة سماعة على وجوب المهر بالخلوة، فمن ثم اتخذهما الشيخ دليلا على ما ادعاه من وجوب المهر بالخلوة، وردهما ابن إدريس لذلك، وهكذا كلام العلامة والسيد المذكور.
وفيه أن غاية ما يدل عليه الخبران المذكوران هو أنه بتزويجه بها ودخول عليها يجب المهر، وهو مجمل بالنسبة إلى الوطئ وعدمه، ولكن صحيحة علي بن جعفر قد فصلت الحكم بأنه إن كان قد دخل بها فلها المهر كملا، وإن لم يدخل فتصفه، والمجمل يحمل على المفصل كما هو القاعدة الكلية ويعضدها كلامه عليه السلام في كتاب الفقه، وحكمه بالتنصيف فإنه محمول عليه الفسخ مع عدم الدخول، وهذا بكرامته سبحانه واضح لا سترة عليه، والله العالم.
المسألة الرابعة: قد ثبت بما قدمناه في المقام الأول من المطلب الأول أن العنن من جملة عيوب الرجل المتفق على جواز فسخ المرأة به، بقي الكلام هنا في مواضع من أحكامه: