لله والرسول...) * الآية، فإن قوله: * (واعلموا أن ما غنمتم...) * الآية إنما يؤثر بالنسبة إلى المجاهدين منعهم عن أكل تمام الغنيمة والتصرف فيه، إذ لم يكن لهم بعد نزول قوله: * (الأنفال لله والرسول) * إلا ذلك، وأما قوله: * (الأنفال لله والرسول) * فلا يفيد إلا كون أصل ملكها لله والرسول من دون أن يتعرض لكيفية التصرف وجواز الأكل والتمتع، فلا يناقضه في ذلك قوله: * (واعلموا أن ما غنمتم...) * الآية حتى يكون بالنسبة إليه ناسخا، فيتحصل من مجموع الآيات الثلاث: أن أصل الملك في الغنيمة لله والرسول، ثم يرجع أربعة أخماسها إلى المجاهدين يأكلونها ويمتلكونها، ويرجع خمس منها إلى الله والرسول وذي القربى، وغيرهم لهم التصرف فيها والاختصاص بها.
ويظهر بالتأمل في البيان السابق أيضا: أن في التعبير عن الغنائم بالأنفال - وهو جمع نفل بمعنى الزيادة - إشارة إلى تعليل الحكم بموضوعه الأعم، كأنه قيل: يسألونك عن الغنائم وهي زيادات لا مالك لها من بين الناس، وإذا كان كذلك فأجبهم بحكم الزيادات والأنفال، وقل: الأنفال لله والرسول، ولازم ذلك كون الغنيمة لله والرسول.
وبذلك ربما تأيد كون اللام في لفظ الأنفال الأول للعهد، وفي الثاني للجنس أو الاستغراق، وتبين وجه الإظهار في قوله: * (قل الأنفال...) * الآية، حيث لم يقل: قل هي لله والرسول.
ويظهر بذلك أيضا: أن قوله: * (قل الأنفال لله والرسول) * حكم عام يشمل بعمومه الغنيمة وسائر الأموال الزائدة في المجتمع نظير الديار الخالية والقرى البائدة ورؤوس الجبال وبطون الأودية وقطائع الملوك وتركة من لا وارث له، أما الأنفال بمعنى الغنائم فهي متعلقة بالمقاتلين من المسلمين بعمل النبي (صلى الله عليه وآله)، وبقي الباقي تحت ملك الله ورسوله.
هذا ما يفيده التأمل في كرائم الآيات، وللمفسرين فيها أقاويل مختلفة تعلم بالرجوع إلى مطولات التفاسير، لا جدوى في نقلها والتعرض للنقض والإبرام فيها (1).
- الإمام الصادق (عليه السلام): الأنفال ما لم يوجف (2) عليه بخيل ولا ركاب، أو قوم صالحوا، أو قوم أعطوا بأيديهم، وكل أرض خربة، وبطون الأودية، فهو لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء (3).
- الإمام الباقر (عليه السلام): إن الفئ والأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم، أو قوم صالحوا، أو قوم أعطوا بأيديهم، وما كان من أرض خربة، أو بطون الأودية، فهذا كله من الفئ فهذا لله وللرسول، فما كان لله فهو لرسوله يضعه حيث يشاء، وهو للإمام من بعد الرسول (4).
- عنه (عليه السلام) - لما سئل عن الأنفال؟:
منها المعادن، والآجام (5)، وكل أرض لا رب