له بحمص فقال: يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد، وأن يثبت لكم ملككم وتتبعون ما قال عيسى بن مريم؟ قالت الروم: وما ذاك أيها الملك؟ قال: تتبعون هذا النبي العربي، قال: فحاصوا حيصة حمر الوحش وتناحزوا ورفعوا الصليب، فلما رأى هرقل ذلك منهم يئس من إسلامهم وخافهم على نفسه وملكه، فسكنهم ثم قال: إنما قلت لكم ما قلت أختبركم لأنظر كيف صلابتكم في دينكم، فقد رأيت منكم الذي أحب، فسجدوا له (1).
- وبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عبد الله بن حذافة السهمي - وهو أحد الستة - إلى كسرى يدعوه إلى الإسلام وكتب معه كتابا، قال عبد الله: فدفعت إليه كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقرئ عليه، ثم أخذه فمزقه، فلما بلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: اللهم مزق ملكه! وكتب كسرى إلى باذان عامله على اليمن أن ابعث من عندك رجلين جلدين إلى هذا الرجل الذي بالحجاز فليأتياني بخبره، فبعث باذان قهرمانه ورجلا آخر وكتب معهما كتابا، فقدما المدينة فدفعا كتاب باذان إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودعاهما إلى الإسلام وفرائصهما ترعد، وقال: ارجعا عني يومكما هذا حتى تأتياني الغد فأخبركما بما أريد، فجاءاه من الغد، فقال لهما: أبلغا صاحبكما أن ربي قد قتل ربه كسرى في هذه الليلة لسبع ساعات مضت منها، وهي ليلة الثلاثاء لعشر ليال مضين من جمادي الأولى سنة سبع، وأن الله تبارك وتعالى سلط عليه ابنه شيرويه فقتله، فرجعا إلى باذان بذلك فأسلم هو والأبناء الذين باليمن (2).
- وبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حاطب بن أبي بلتعة اللخمي - وهو أحد الستة - إلى المقوقس صاحب الإسكندرية عظيم القبط يدعوه إلى الإسلام وكتب معه كتابا، فأوصل إليه كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقرأه وقال له خيرا، وأخذ الكتاب فجعله في حق من عاج وختم عليه ودفعه إلى جاريته، وكتب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): قد علمت أن نبيا قد بقي وكنت أظن أنه يخرج بالشأم، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وقد أهديت لك كسوة وبغلة تركبها، ولم يزد على هذا ولم يسلم، فقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هديته، وأخذ الجاريتين مارية أم إبراهيم ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأختها سيرين، وبغلة بيضاء لم يكن في العرب يومئذ غيرها وهي دلدل، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ضن الخبيث بملكه ولا بقاء لملكه، قال حاطب: كان لي مكرما في الضيافة وقلة اللبث ببابه، ما أقمت عنده إلا خمسة أيام (3).
- وبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شجاع بن وهب الأسدي - وهو أحد الستة - إلى الحارث بن أبي شمر الغساني يدعوه إلى الإسلام وكتب معه كتابا، قال شجاع: فأتيت إليه وهو بغوطة دمشق، وهو مشغول بتهيئة الإنزال والألطاف لقيصر، وهو جاء من حمص إلى إيلياء، فأقمت على بابه يومين أو ثلاثة فقلت لحاجبه: إني رسول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إليه، فقال: لا تصل إليه حتى يخرج يوم كذا