وكورة تراخوتينس، وليسانيوس رئيس ربع على الأبلية في أيام رئيس الكهنة حنان وقيافا - كانت كلمة الله على يوحنا بن زكريا في البرية.
فجاء إلى جميع الكورة المحيطة بالأردن يكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا. كما هو مكتوب في سفر أقوال أشعيا النبي القائل:
" صوت خارج في البرية أعدوا طريق الرب اصنعوا سبله مستقيمة، كل واد يمتلئ، وكل جبل وأكمة ينخفض، وتصير المعوجات مستقيمة والشعاب طرقا سهلة، ويبصر كل بشر خلاص الله.
وكان يقول للجموع الذين خرجوا ليعمدوا منه: يا أولاد الأفاعي من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي، فاصنعوا أثمارا تليق بالتوبة، ولا تبتدؤا تقولون في أنفسكم لنا إبراهيم أبا، لأني أقول لكم: إن الله قادر على أن يقيم من هذه الحجارة أولادا لإبراهيم، والآن قد وضعت الفأس على أصل الشجر، فكل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقى في النار.
وسأله الجموع قائلين: فماذا نفعل؟ فأجاب وقال لهم: من له ثوبان فليعط من ليس له، ومن له طعام فليفعل هكذا، وجاء عشارون أيضا ليعمدوا فقالوا له: يا معلم ماذا نفعل؟ فقال لهم: لا تستوفوا أكثر مما فرض لكم، وسأله جنديون أيضا قائلين:
وماذا نفعل نحن؟ فقال لهم: لا تظلموا أحدا، ولا تشوا بأحد، واكتفوا بعلائفكم.
وإذ كان الشعب ينتظر والجميع يفكرون في قلوبهم عن يوحنا لعله المسيح، أجاب يوحنا الجميع قائلا: أنا اعمدكم بماء، ولكن يأتي من هو أقوى مني - الذي لست أهلا أن أحل سيور حذائه - هو سيعمدكم بروح القدس ونار الذي رفشه في يده، وسينقي بيدره ويجمع القمح إلى مخزنه، وأما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ، وبأشياء اخر كثيرة كان يعظ الشعب ويبشرهم.
أما هيرودس رئيس الربع فإذا توبخ منه لسبب هيروديا امرأة فيلبس أخيه ولسبب جميع الشرور التي كان هيرودس يفعلها زاد هذا أيضا على الجميع أنه حبس يوحنا في السجن. ولما اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع أيضا.
وفيه (1): أن هيرودس نفسه كان قد أرسل وأمسك يوحنا وأوثقه في السجن من أجل هيروديا امرأة فيلبس أخيه إذ كان قد تزوج بها، لأن يوحنا كان يقول لهيرودس: لا يحل أن تكون لك امرأة أخيك، فحنقت هيروديا عليه وأرادت أن تقتله ولم تقدر، لأن هيرودس كان يهاب يوحنا عالما أنه رجل بار وقديس وكان يحفظه، وإذ سمعه فعل كثيرا وسمعه بسرور.
وإذ كان يوم موافق لما صنع هيرودس في مولده عشاء لعظمائه وقواد الألوف ووجوه الجليل، دخلت ابنة هيروديا ورقصت، فسرت هيرودس والمتكئين معه. فقال الملك للصبية:
مهما أردت اطلبي مني فأعطيك، وأقسم لها أن مهما طلبت مني لأعطينك حتى نصف مملكتي، فخرجت وقالت لامها: ماذا أطلب؟ فقالت: رأس يوحنا المعمدان، فدخلت للوقت بسرعة إلى