باب ما جاء في فسخ الحج إلى العمرة عن جابر قال: أهللنا بالحج مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما قدمنا مكة أمرنا أن نحل ونجعلها عمرة، فكبر ذلك علينا وضاقت به صدورنا فقال: يا أيها الناس أحلوا فلولا الهدي معي فعلت كما فعلتم، قال: فأحللنا حتى وطئنا النساء وفعلنا كما يفعل الحلال، حتى إذا كان يوم التروية وجعلنا مكة بظهر أهللنا بالحج متفق عليه. وفي رواية:
أهللنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالحج خالصا لا يخالطه شئ فقدمنا مكة لأربع ليال خلون من ذي الحجة فطفنا وسعينا، ثم أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نحل وقال: لولا هديي لحللت، ثم قام سراقة بن مالك فقال: يا رسول الله أرأيت متعتنا هذه لعامنا هذا أم للأبد؟ فقال: بلى هي للأبد رواه البخاري وأبو داود ولمسلم معناه. وعن أبي سعيد قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونحن نصرخ بالحج صراخا، فلما قدمنا مكة أمرنا أن نجعلها عمرة إلا من ساق الهدي، فلما كان يوم التروية ورحنا إلى منى أهللنا بالحج رواه أحمد ومسلم. وعن أسماء بنت أبي بكر قالت: خرجنا محرمين فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من كان معه هد فليقم على إحرامه، ومن لم يكن معه هدي فليحلل، فلم يكن معي هدي فحللت، وكان مع الزبير هدي فلم يحلل رواه مسلم وابن ماجة. ولمسلم في رواية: قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مهلين بالحج.
قوله: وجعلنا مكة بظهر أي جعلناها وراء أظهرنا، وذلك عند إرادتهم الذهاب إلى منى. قوله: لا يخالطه شئ يعني من العمرة ولا القران ولا غيرهما. قوله: من ذي الحجة بكسر الحاء على الأفصح. قوله: أرأيت متعتنا هذه أي أخبرني عن فسخنا الحج إلى عمرتنا هذه التي تمتعنا فيها بالجماع والطيب واللبس. قوله: لعامنا هذا أي مخصوصة به لا تجوز في غيره أم للأبد أي جميع الأعصار (وقد استدل) بهذه الأحاديث وبما يأتي بعدها مما ذكره المصنف من قال: إنه يجوز فسخ الحج إلى العمرة لكل أحد وبه قال أحمد وطائفة من أهل الظاهر، وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي. قال النووي وجمهور العلماء من السلف والخلف: إن فسخ الحج إلى العمرة هو