ذلك عليا عليه السلام فعزم على أن يسأل عثمان الحجر عليه، فجاء عبد الله بن جعفر إلى الزبير فذكر ذلك له فقال الزبير: أنا شريكك، فلما سأل علي عثمان الحجر على عبد الله بن جعفر قال: كيف أحجر على من شريكه الزبير؟. وفي رواية للبيهقي: أن الثمن ستمائة ألف. وقال الرافعي: الثمن ثلاثون ألفا. قال الحافظ: لعله من غلط النساخ والصواب بستين يعني ألفا، انتهى. وروى القصة ابن حزم فقال: بستين ألفا. وقد استدل بهذه الواقعة من أجاز الحجر على من كان سيئ التصرف، وبه قال علي عليه السلام وعثمان وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن جعفر وشريح وعطاء والشافعي ومالك وأبو يوسف ومحمد، هكذا في البحر. قال في الفتح: والجمهور على جواز الحجر على الكبير. وخالف أبو حنيفة وبعض الظاهرية، ووافق أبو يوسف ومحمد، وقال الطحاوي: ولم أر عن أحد من الصحابة منع الحجر على الكبير ولا عن التابعين إلا عن إبراهيم وابن سيرين، ثم حكى صاحب البحر عن العترة أنه لا يجوز مطلقا وعن أبي حنيفة أنه لا يجوز أن يسلم إليه ماله بعد خمس وعشرين سنة، ولهم أن يجيبوا عن هذه القصة بأنها وقعت عن بعض من الصحابة، والحجة إنما هو إجماعهم، والأصل جواز التصرف لكل مالك من غير فرق بين أنواع التصرفات، فلا يمنع منها إلا ما قام الدليل على منعه، ولكن الظاهر أن الحجر على من كان في تصرفه سفه كان أمرا معروفا عند الصحابة مألوفا بينهم، ولو كان غير جائز لا نكره بعض من اطلع على هذه القصة، ولكان الجواب من عثمان رضي الله عنه عن علي عليه السلام بأن هذا غير جائز، وكذلك الزبير وعبد الله بن جعفر لو كان مثل هذا الامر غير جائز لكان لهما عن تلك الشركة مندوحة، والعجب من ذهاب العترة إلى عدم الجواز مطلقا، وهذا إمامهم وسيدهم أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه يقول بالجواز مع كون أكثرهم يجعل قوله حجة متبعة تجب المصير إليها وتصلح لمعارضة المرفوع، وأما اعتذار صاحب البحر عن ذلك بأن عليا عليه السلام لم يفعل ذلك ففي غاية من السقوط، فإن الحجر لو كان غير جائز لما ذهب إلى عثمان وسأل منه ذلك، وأما اعتذاره أيضا بأن ذلك اجتهاد فمخالف لما تمشى عليه في كثير من الأبحاث من الجزم، وبأن قول علي حجة من غير فرق، بين ما كان للاجتهاد فيه مسرح وما ليس كذلك، على أن ما لا مجال للاجتهاد فيه لا فرق فيه بين قول علي عليه السلام وغيره من الصحابة أن له حكم الرفع، وإنما محل النزاع بين أهل البيت عليهم السلام وغيرهم
(٣٦٨)