أصح وقد روى المرسل الشيخان بلفظ: من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس أو إنسان قد أفلس فهو أحق من غيره ووصله ابن حبان والدارقطني وغيرهما من طريق الثوري عن أبي بكر عن أبي هريرة بنحو لفظ الشيخين. قوله: بعينه فيه دليل على أن شرط الاستحقاق أن يكون المال باقيا بعينه لم يتغير ولم يتبدل، فإن تغيرت العين في ذاتها بالنقص مثلا أو في صفة من صفاتها فهي أسوة للغرماء، ويؤيد ذلك قوله في الرواية الثانية ولم يفرقه. وذهب الشافعي والهادوية إلى أن البائع أولى بالعين بعد التغير والنقص. قوله: فهو أحق به أي من غيره كائنا من كان وارثا وغريما، وبهذا قال الجمهور، وخالفت الحنفية في ذلك فقالوا: لا يكون البائع أحق بالعين المبيعة التي في يد المفلس وتأولوا الحديث بأنه خير واحد مخالف للأصول، لأن السلعة صارت بالبيع ملكا للمشتري ومن ضمانه، واستحقاق البائع أخذها منه نقض لملكه، وحملوا الحديث على صورة، وهي ماذا كان المتاع وديعة أو عارية أو لقطة؟ وتعقب بأنه لو كان كذلك لم يقيد بالإفلاس ولا جعل أحق بها لما تقتضيه صيغة أفعل من الاشتراك، وأيضا يرد ما ذهبوا إليه قوله في حديث أبي بكر:
أيما رجل باع متاعا فإن فيه التصريح بالبيع وهو نص في محل النزاع، وقد أخرجه أيضا سفيان في جامعه وابن حبان وابن خزيمة عن أبي بكر عن أبي هريرة بلفظ: إذا ابتاع رجل سلعة ثم أفلس وهي عنده بعينها وفي لفظ لابن حبان: إذا أفلس الرجل فوجد البائع سلعته وفي لفظ مسلم والنسائي: أنه لصاحبه الذي باعه كما ذكره المصنف. وعند عبد الرزاق بلفظ: من باع سلعته من رجل قال الحافظ: بهذا أن الحديث وارد في صورة البيع، ويلتحق به القرض وسائر ما ذكر يعني من العارية والوديعة بالأولى، والاعتذار بأن الحديث خبر واحد مردود بأنه مشهور من غير وجه، من ذلك ما تقدم عن سمرة وأبي هريرة وأبي بكر بن عبد الرحمن، ومن ذلك ما أخرجه ابن حبان بإسناد صحيح عن ابن عمر مرفوعا بنحو أحاديث الباب، وقد قضى به عثمان كما رواه البخاري والبيهقي عنه، حتى قال ابن المنذر: لا نعرف لعثمان مخالفا في الصحابة، والاعتذار بأنه مخالف للأصول اعتذار فاسد، لما عرفناك من أن السنة الصحيحة هي من جملة الأصول، فلا يترك العمل بها إلا لما هو أنهض منها، ولم يرد في المقام ما هو كذلك، وعلى تسليم أنه ورد ما يدل على أن السلعة تصير بالبيع ملكا للمشتري فما ورد في الباب أخص مطلقا فيبنى العام على الخاص،