الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة رواه الجماعة إلا أبا داود.
قوله: إيمان بالله الخ، فيه دليل على أن الايمان بالله وبرسوله أفضل من الجهاد، والجهاد أفضل من الحج المبرور. وقد اختلفت الأحاديث المشتملة على بيان فاضل الأعمال من مفضولها، وتارة تجعل الأفضل الجهاد، وتارة الايمان، وتارة الصلاة، وتارة غير ذلك، وأحق ما قيل في الجمع بينها أن بيان الفضيلة يختلف باختلاف المخاطب، فإذا كان المخاطب ممن له تأثير في القتال وقوة على مقارعة الابطال قيل له أفضل الأعمال الجهاد، وإذا كان كثير المال قيل له أفضل الأعمال الصدقة، ثم كذلك يكون الاختلاف على حسب اختلاف المخاطبين. قوله: مبرور قال ابن خالويه: المبرور المقبول وقال غيره: الذي لا يخالطه شئ من الاثم ورجحه النووي وقيل غير ذلك. وقال القرطبي: الأقوال التي ذكرت في تفسيره متقاربة المعنى، وهي أنه الحج الذي وفيت أحكامه فوقع موقعا لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل. ولأحمد والحاكم من حديث جابر: قالوا يا رسول الله ما بر الحج؟
قال: إطعام الطعام وإفشاء السلام قال في الفتح: وفي إسناده ضعف، ولو ثبت كان هو المتعين دون غيره. قوله: ما الاسلام إلى قوله: وتحج البيت قد تقدم الكلام على هذه الكلمات في أوائل كتاب الصلاة. قوله: وتعتمر فيه متمسك لمن قال بوجوب العمرة، ولكنه لا يكون مجرد اقتران العمرة بهذه الأمور الواجبة دليلا على الوجوب لما تقرر في الأصول من ضعف دلالة الاقتران، لا سيما وقد عارضها ما سلف من الأدلة القاضية بعدم الوجوب فإن قيل: إن وقوع العمرة في جواب من سأل عن الاسلام يدل على الوجوب فيقال: ليس كل أمر من الاسلام واجبا، والدليل على ذلك حديث شعب الاسلام والايمان فإنه اشتمل على أمور ليست بواجبة بالاجماع. قوله: كفارة لما بينهما أشار ابن عبد البر إلى أن المراد تكفير الصغائر دون الكبائر، قال: وذهب بعض العلماء من عصرنا إلى أن المراد تعميم ذلك ثم بالغ في الانكار عليه، وقد تقدم البحث عن مثل هذا في مواضع من هذا الشرح، وقد استشكل بعضهم كون العمرة كفارة، مع أن اجتناب الكبائر يكفر الصغائر فماذا تكفر العمرة؟ وأجيب بأن تكفير العمرة مقيد بزمنها، وتكفير الاجتناب