لكن اختلف في عبد الرحمن بن صالح يعني الراوي له عن فضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود قال: وما أظنه حفظه، فقد جزم الشافعي أن طرق هذا الحديث عن ابن مسعود ليس فيها شئ موصول. ورواه أيضا النسائي والبيهقي والحاكم من طريق عبد الرحمن بن قيس بالاسناد الذي رواه عنه أبو داود كما سلف، وصححه من هذا الوجه الحاكم وحسنه البيهقي، ورواه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند من طريق القاسم بن عبد الرحمن عن جده بلفظ: إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة ولا بينة لأحدهما تحالفا. ورواه من هذا الوجه الطبراني والدارمي. وقد انفرد بقوله: والسلعة قائمة محمد بن أبي ليلى ولا يحتج به كما عرفت لسوء حفظه. قال الخطابي: إن هذه اللفظة يعني والسلعة قائمة لا تصح من طريق النقل مع احتمال أن يكون ذكرها من التغليب، لان أكثر ما يعرض النزاع حال قيام السلعة كقوله تعالى: * (في حجوركم) * (سورة النساء، الآية: 23) ولم يفرق أكثر الفقهاء في البيوع الفاسدة بين القائم والتالف انتهى. وأبو وائل الراوي لقوله: والبيع مستهلك كما في حديث الباب هو عبد الله بن بحير شيخ عبد الرزاق الصنعاني القاص وثقه ابن معين، وقال ابن حبان: يروي العجائب التي كأنها معمولة لا يحتج به، وليس هذا المذكور عبد الله بن بحير بن ريشان فإنه ثقة، وعلى هذا فلا يقبل ما تفرد به أبو وائل المذكور. وأما قوله فيه تحالفا فقال الحافظ: لم يقع عند أحد منهم وإنما عندهم، والقول قول البائع أو يترادان البيع انتهى. قال ابن عبد البر: إن هذا الحديث منقطع، إلا أنه مشهور الأصل عند جماعة تلقوه بالقبول وبنوا عليه كثيرا من فروعه، وأعله ابن حزم بالانقطاع، وتابعه عبد الحق وأعله هو وابن القطان بالجهالة في عبد الرحمن وأبيه وجده. وقال الخطابي: هذا حديث قد اصطلح الفقهاء على قبوله، وذلك يدل على أن له أصلا وإن كان في إسناده مقال، كما اصطلحوا على قبول لا وصية لوارث وإسناده فيه ما فيه انتهى. قوله: البيعان أي البائع والمشتري كما تقدم في الخيار، ولم يذكر الامر الذي فيه الاختلاف، وحذف المتعلق مشعر بالتعميم في مثل هذا المقام على ما تقرر في علم المعاني، فيعم الاختلاف في المبيع والثمن وفي كل أمر فرجع إليهما، وفي سائر الشروط المعتبرة، والتصريح بالاختلاف في الثمن في بعض الروايات كما وقع في الباب لا ينافي هذا العموم المستفاد من الحذف. قوله: صاحب السلعة هو البائع كما وقع التصريح به في سائر الروايات، فلا وجه لما روي عن البعض أن رب السلعة في الحال هو المشتري. وقد استدل بالحديث من قال: إن القول قول البائع إذا وقع
(٣٤١)