أنه سئل عن بعير ببعيرين فكرهه. وروى البخاري تعليقا عن ابن عباس ووصله الشافعي أنه قال: قد يكون البعير خيرا من البعيرين. وروى البخاري تعليقا أيضا عن رافع بن خديج ووصله عبد الرزاق أنه اشترى بعيرا ببعيرين فأعطاه أحدهما وقال:
آتيك بالآخر غدا. وروى البخاري أيضا ومالك وابن أبي شيبة عن ابن المسيب أنه قال: لا ربا في الحيوان. وروى البخاري أيضا وعبد الرزاق عن ابن سيرين أنه قال: لا بأس ببعيرين. قوله: حتى نفدت الإبل بفتح النون وكسر الفاء وفتح الدال المهملة وآخره تاء التأنيث. قوله: بقلائص قال ابن رسلان: جمع قلوص وهي الناقة الشابة. قوله: حتى نفذت ذلك البعث بفتح النون وتشديد الفاء بعدها دال معجمة ثم تاء المتكلم أي حتى تجهز ذلك الجيش وذهب إلى مقصده، والأحاديث والآثار المذكورة في الباب متعارضة كما ترى، فذهب الجمهور إلى جواز بيع الحيوان بالحيوان نسيئة متفاضلا مطلقا، وشرط مالك أن يختلف الجنس، ومنع من ذلك مطلقا مع النسيئة أحمد بن حنبل وأبو حنيفة وغيره من الكوفيين والهادوية، وتمسك الأولون بحديث ابن عمرو وما ورد في معناه من الآثار، وأجابوا عن حديث سمرة بما فيه من المقال. وقال الشافعي: المراد به النسيئة من الطرفين لأن اللفظ يحتمل ذلك، كما يحتمل النسيئة من طرف، وإذ كانت النسيئة من الطرفين فهي من بيع الكالئ بالكالئ وهو لا يصح عند الجميع، واحتج المانعون بحديث سمرة وجابر بن سمرة وابن عباس وما في معناها من الآثار، وأجابوا عن حديث ابن عمرو بأنه منسوخ، ولا يخفى أن النسخ لا يثبت إلا بعد تقرر تأخر الناسخ ولم ينقل ذلك، فلم يبق ههنا إلا الطلب لطريق الجمع إن أمكن ذلك أو المصير إلى التعارض.
قيل: وقد أمكن الجمع بما سلف عن الشافعي، ولكنه متوقف على صحة إطلاق النسيئة على بيع المعدوم بالمعدوم، فإن ثبت ذلك في لغة العرب أو في اصطلاح الشرع فذاك، وإلا فلا شك أن أحاديث النهي وإن كان كل واحد منها لا يخلو عن مقال لكنها ثبتت من طريق ثلاثة من الصحابة: سمرة وجابر بن سمرة وابن عباس، وبعضها يقوي بعضا، فهي أرجح من حديث واحد غير خال عن المقال وهو حديث عبد الله بن عمرو، ولا سيما وقد صحح الترمذي وابن الجارود حديث سمرة فإن ذلك مرجح آخر. وأيضا قد تقرر في الأصول أن دليل التحريم أرجح من دليل الإباحة، وهذا أيضا مرجح ثالث.