أبو الصهباء أنه سأل ابن عباس عنه فكرهه. قال في الفتح: واتفق العلماء على صحة حديث أسامة، واختلفوا في الجمع بينه وبين حديث أبي سعيد. فقيل: إن حديث أسامة منسوخ لكن النسخ لا يثبت بالاحتمال. وقيل: المعنى في قوله: لا ربا الربا الأغلظ الشديد التحريم المتوعد عليه بالعقاب الشديد، كما تقول العرب: لا عالم في البلد إلا زيد، مع أن فيها علماء غيره، وإنما القصد نفي الأكمل لا نفي الأصل، وأيضا نفي تحريم ربا الفضل من حديث أسامة إنما هو بالمفهوم، فيقدم عليه حديث أبي سعيد لأن دلالته بالمنطوق، ويحمل حديث أسامة على الربا الأكبر اه. ويمكن الجمع أيضا بأن يقال: مفهوم حديث أسامة عام لأنه يدل على نفي ربا الفضل عن كل شئ، سواء كان من الأجناس المذكورة في أحاديث الباب أم لا، فهو أعم منها مطلقا، فيخصص هذا المفهوم بمنطوقها. وأما ما أخرجه مسلم عن ابن عباس أنه لا ربا فيما كان يدا بيد كما تقدم فليس ذلك مرويا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى تكون دلالته على نفي ربا الفضل منطوقه، ولو كان مرفوعا لما رجع ابن عباس واستغفر لما حدثه أبو سعيد بذلك كما تقدم وقد روى الحازمي رجوع ابن عباس واستغفاره عند أن سمع عمر بن الخطاب وابنه عبد الله يحدثان عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما يدل على تحريم ربا الفضل وقال: حفظتما من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لم أحفظ وروى عنه الحازمي أيضا أنه قال: كان ذلك برأيي، وهذا أبو سعيد الخدري يحدثني عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فتركت رأيي إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وعلى تسليم أن ذلك الذي قاله ابن عباس مرفوع فهو عام مخصص بأحاديث الباب لأنها أخص منه مطلقا. وأيضا الأحاديث القاضية بتحريم ربا الفضل ثابتة عن جماعة من الصحابة في الصحيحين وغيرهما.
قال الترمذي بعد أن ذكر حديث أبي سعيد: وفي الباب عن أبي بكر وعمر وعثمان وأبي هريرة وهشام بن عامر والبراء وزيد بن أرقم وفضالة بن عبيد وأبي بكرة وابن عمر وأبي الدرداء وبلال اه. وقد ذكر المصنف بعض ذلك في كتابه هذا، وأخرج الحافظ في التلخيص بعضها، فلو فرض معارضة حديث أسامة لها من جميع الوجوه وعدم إمكان الجمع أو الترجيح بما سلف لكان الثابت عن الجماعة أرجح من الثابت عن الواحد. قوله: ولا الورق بالورق بفتح الواو وكسر الراء وبإسكانها على