منصوص لم يبلغه أو رأى ضعف الحديث، باعتبار أن كل طريق منها لا يخلو عن مقال.
قال: لكن الحديث بمجموع الطرق يقوى، وممن قال بأنه غير منصوص، وإنما أجمع عليه الناس طاوس، وبه قطع الغزالي والرافعي في شرح المسند، والنووي في شرح مسلم، وكذا وقع في المدونة لمالك. وممن قال بأنه منصوص عليه الحنفية والحنابلة وجمهور الشافعية والرافعي في الشرح الصغير، والنووي في شرح المهذب، وقد أعله بعضهم بأن العراق لم تكن فتحت حينئذ. قال ابن عبد البر: هي غفلة لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقت المواقيت لأهل النواحي قبل الفتوح لكونه علم أنها ستفتح، فلا فرق في ذلك بين الشام والعراق، وبهذا أجاب الماوردي وآخرون، وقد ورد ما يعارض أحاديث الباب، فأخرج أبو داود والترمذي عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقت لأهل المشرق العقيق وحسنه الترمذي ولكن في إسناده يزيد بن أبي زياد، قال النووي: ضعيف باتفاق المحدثين. قال الحافظ في نقل الاتفاق نظر يعرف من ترجمته انتهى. ويزيد المذكور أخرج حديثه أهل السنن الأربع ومسلم مقرونا بآخر، قال شعبة: لا أبالي إذا كتبت عن يزيد أن لا أكتب عن أحد وهو من كبار الشيعة وعلمائها، ووصفه في الميزان بسوء الحفظ، وقد جمع بين هذا الحديث وبين ما قبله بأوجه. منها: أن ذات عرق ميقات الوجوب والعقيق ميقات الاستحباب لأنه أبعد من ذات عرق. ومنها: أن العقيق ميقات لبعض العراقيين وهم أهل المدائن، والآخر ميقات لأهل البصرة، ووقع ذلك في حديث أنس عند الطبراني وإسناده ضعيف.
ومنها: أن ذات عرق كانت أولا في موضع العقيق الآن ثم حولت وقربت إلى مكة، فعلى هذا فذات عرق والعقيق شئ واحد، حكى هذه الأوجه صاحب الفتح. قوله:
لما فتح هذان المصران بالبناء للمجهول. وفي رواية للكشميهني لما فتح هذين المصرين بالبناء للمعلوم، والمصران تثنية مصر، والمراد بهما البصرة والكوفة. قوله:
إنه جور بفتح الجيم وسكون الواو بعدها راء أي ميل، والجو الميل عن القصد، ومنه قوله تعالى: * (ومنها جائر) * (سورة النحل، الآية: 9). قوله: فانظروا حذوها أي اعتبروا ما يقابل الميقات من الأرض التي تسلكونها من غير ميل فاجعلوه ميقاتا، وظاهره أن عمر حد لهم ذات عرق باجتهاد. ولهذا قال المصنف رحمه الله: والنص بتوقيت ذات عرق ليس