للمخالفة، لما عرفت من أن بطلان الشرط المخالف لم يكن لدليل لفظي كي يتمسك باطلاقه، بل كان على طبق القاعدة بالبيان السابق، وقد عرفت أنه يختص بما إذا كان الشرط مخالفا لمفاد العقد ومقتضاه بمعنى مدلوله ومؤداه.
الايراد الثالث: ما استدل به بعض الشافعية من أن اسقاط الخيار في ضمن العقد اسقاط لما لم يجب، لأن الخيار لا يحدث إلا بعد البيع، فاسقاطه فيه كاسقاطه قبله.
وكأن الشيخ (قدس سره) استوجه هذا الايراد وتمحل فيه فنحى في التفصي عنه نحوا آخر، فدفعه بالالتزام بأن دليل الخيار منصرف إلى صورة عدم تحقق اشتراط السقوط وأما صورة اشتراطه فدليل الخيار قاصر عن شمولها. فشرط سقوط الخيار مبطل للمقتضي لا مانع من تأثيره.
إذن، فيتحصل أن دليل الشيخ (قدس سره) على نفوذ هذا الشرط وجهان:
أحدهما: عموم المؤمنون عند شروطهم بتقريب حكومته على أدلة الخيار.
والآخر: انصراف دليل ثبوت الخيار إلى صورة عدم وجود هذا الشرط في ضمن العقد، فهو قاصر عن شمول صورة الشرط، فلا خيار من باب عدم الدليل عليه.
وقد استشكل المحقق الإيرواني (رحمه الله) (1) في ذلك: بأن هذا تهافت من الشيخ، لأن مقتضى الوجه الأول تمامية اطلاق دليل الخيار بحيث لولا الدليل الحاكم كان شاملا لهذه الصورة. ومقتضى الوجه الثاني عدم الاطلاق فلا معنى للحكومة أو غيرها. ثم إنه (رحمه الله) ناقش كلا الوجهين:
وناقش الأول: بأن دليل الخيار وارد على دليل الشروط لأن دليل نفوذ الشروط مقيد بما لا يحرم الحلال ويحلل الحرام من الشروط، وبمقتضى اطلاق دليل ثبوت الخيار يكون اشتراط سقوط الخيار من الشرط المحرم للحلال، فلا يشمله عموم نفوذ الشروط.