وقد يتوجه على هذا الوجه إيرادات:
أولها: أنه لو بنى على عدم ترتب اللزوم على الافتراق عن إكراه من جهة الالتزام بحديث الرفع للزم أن يبني على ذلك في صورة الاكراه على الافتراق مع تمكنهما من التخاير، لأن نسبة حديث الرفع إلى الافتراق في كلا الفرضين على حد سواء، مع أنهم لم يلتزموا بعدم سقوط الخيار مع التمكن من التخاير. فيكشف ذلك عن عدم الاستناد إلى حديث الرفع فيما نحن فيه.
ويمكن أن يجاب عن ذلك: بأنه مع التمكن من التخاير والقدرة على فسخ المعاملة إذا تحقق الاكراه على الافتراق ولم يفسخ المتبايعان المعاملة مع تمكنهما عليه كشف ذلك عن رضاهما بالمعاملة، وهو مستلزم لسقوط الخيار ولزوم المعاملة، فالمعاملة تكون لازمة في هذا الفرض في مرحلة سابقة على الافتراق، فلا أثر للافتراق كي يبحث في رفعه بحديث الرفع وعدمه.
أما مع عدم التمكن من التخاير، فالموجب للزوم المعاملة على تقديره هو الافتراق ليس إلا، فيقع الكلام في شمول حديث الرفع له لوقوعه عن إكراه فينتفي أثره الوضعي.
فعدم التمسك بحديث الرفع في صورة التمكن من التخاير ليس لأجل عدم البناء على حديث الرفع وإنما هو لأجل تحقق لزوم المعاملة قبل الافتراق بالرضا فلا أثر للافتراق، وأخذ قيد المنع من التخاير من جهة المحافظة على استناد اللزوم - لو ثبت - إلى الافتراق لعدم ما يستند إليه اللزوم غيره من دون دخل له في التمسك بحديث الرفع حكما.
ثانيها: ما ذكره السيد الطباطبائي (1) وتابعه المحقق الإيرواني (رحمهما الله) (2) من: أن الافتراق إذا كان مأخوذا قيدا وغاية للموضوع بأن كان موضوع الخيار البيعين مع عدم افتراقهما لم يكن حديث الرفع محكما في الفرض الذي نحن فيه، بل يزول الخيار بتحقق الافتراق ولو كان عن إكراه.