ومن الواضح أن قيمة شخص العين أقرب من القيمة النوعية لها، فتثبت القيمة الشخصية وهو معنى الشركة في المال، لا القيمة النوعية الراجع إلى الضمان في الذمة.
بل هذا الوجه لا دليل عليه، إذ كون العين في العهدة محل كلام. كما أن لزوم ملاحظة الأقرب إلى العين من القيمة الشخصية والنوعية لا شاهد عليه.
وقد تصدى المحقق الأصفهاني (رحمه الله) (1) إلى دفع الاشكال السابق بالالتزام بالشركة في المالية، لأن الملكية المستقلة للممزوج غير ثابتة شرعا، والملكية بنحو الإشاعة لا تثبت بالفسخ إذ هي غير الملكية السابقة.
ولكنك عرفت إمكان الالتزام بالملكية المستقلة الآنية لا المستمرة، وهي مما لا دليل على امتناعها شرعا، وعرفت أنه يترتب عليها الملكية بنحو الإشاعة كسائر موارد الامتزاج بين مالي المالكين. فالتفت.
وبعد جميع ذلك يقع الكلام في شقوق المسألة التي ذكرها الشيخ (قدس سره) (2)، فنقول:
أما صورة الامتزاج بغير الجنس الموجب للاستهلاك، فالحكم فيها كما أفاده الشيخ (قدس سره) من الرجوع إلى القيمة لعدم بقاء العين عرفا فيمتنع الرد.
وأما صورة الامتزاج بغير الجنس الموجب لتغير الصورة النوعية مع بقاء واقع العين وذاتها بلا استهلاك، كخلط العسل بالخل الذي يتكون منه صورة ثالثة وهي الاسكنجبين، فالحكم فيها كسابقتها، لأن المعاملة وقعت على العين بصورتها النوعية وهي مما يمتنع ردها كذلك لانسلاخها وحصول صورة ثالثة، فتكون بحكم التالف في الرجوع إلى القيمة.
ولا يقاس المورد بما إذا كانت العينان لمالكين في تحقق الشركة، فإنه يلتزم هناك بحصول الشركة لأجل بناء العقلاء عليه بعد فرض عدم صيرورة العين الممتزجة من المباحات الأصلية، وعدم ترجيح أحد المالكين على الآخر. فيتعين الالتزام بالشركة. وليس الأمر كذلك فيما نحن فيه، فلاحظ.