وعليه، فتأثير الفسخ لا ينافي اطلاق الآيتين، لأنه بلحاظ أفراد التصرف، فيثبت جميعها مع غض النظر عن ثبوتها في مطلق الأحوال. وقد أفاد هذا المطلب بعبارات مختلفة، فراجع حاشيته على المقام.
وفيه: إنه إذا فرض تكفل الآيتين لاثبات جواز جميع التصرفات، فأي جهة موجبة للتوقف في عدم اطلاقها من حيث الأحوال والأزمان؟. وأي فرق بين هذا المتعلق وبين متعلقات سائر الأحكام التي يتمسك باطلاقها في اثبات الحكم لها مطلقا. فما ذكره لم يظهر له وجه وجيه، بل هو لا يخرج عن مجرد الدعوى.
الرابع: قوله تعالى: * (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) * (1).
وقد قرب الشيخ (قدس سره) (2) دلالتها على اللزوم، بأن تفيد النهي عن أكل المال بكل وجه يكون باطلا عرفا، فيشمل ما نحن فيه لأن أخذ مال الغير وتملكه من دون رضا صاحبه باطل عرفا. وأما ما ثبت ترخيص الشارع فيه فهو ليس من الباطل عرفا لأن إذن الشارع يجعله ليس من الباطل في نظر العرف.
وقد يستشكل بأنه مع الشك في ثبوت حق الفسخ شرعا يشك في كونه من الباطل عرفا، ومع الشك في ذلك يمتنع التمسك بالدليل لكون الشبهة مصداقية.
وتحقيق الكلام في الآية بنحو يرتفع عنها بعض الغموض، هو: إن فرض كون المستثنى منه هو الباطل يجعل الاستثناء منقطعا لأن التجارة عن تراض ليست من أفراد الباطل بل تباينه.
وفي صحة الاستثناء المنقطع الراجع إلى عدم دخول المستثنى في المستثنى منه نظير: " ما جاء القوم إلا الحمار " بحث.
فقد يدعى صحته استشهادا بهذا المثال ونحوه. ويلتزم فيها بأن: " إلا " لم تستعمل بمعنى الاخراج فإنه ممتنع في هذا المقام وإنما هي مستعملة في معنى الاستدراك بمعنى: " لكن ".