الوفاء هو العقد. ومن الواضح أن الحكم يدور مدار موضوعه، فإذا صدر الفسخ من أحد المتعاقدين وشك في تأثيره يحصل الشك في تحقق العقد، إذ الفسخ على تقدير تأثيره يؤثر في حل العقد وإزالته، فمع الشك في ذلك يشك في ثبوت العقد، فلا يمكن التمسك بعموم وجوب الوفاء بعد الفسخ للشك في موضوع الحكم.
فالمورد من موارد الشبهة المصداقية للعام، وهو مما لا يجوز التمسك بالعام فيه بلا كلام، فلا يتوهم أحد جواز التمسك بعموم: " أكرم كل عالم " في شخص يشك في كونه عالما.
الثالث: ما ذكره المحقق الإيرواني (رحمه الله) (1) من: أن الوفاء هو القيام بما التزم به قياما خارجيا، وهذا إنما يصدق وجودا وعدما في مورد يتعلق الالتزام والعهد بعمل، كنذر الفعل والجعالة والمزارعة ونحو ذلك. أما إذا تعلق العهد بالنتيجة، كالبيع والنكاح ونذر النتيجة، فلا يصدق في موردها الوفاء وعدمه حقيقة لأنه لا معنى للقيام بما التزم به بعد إن لم يكن من أعماله.
وعليه، فتختص الآية الكريمة بالعقود الواقعة على الأعمال لا النتائج، كالبيع، فإن الملتزم به الملكية وهي نتيجة لا عمل للشخص نفسه. فلا تنفع في إثبات اللزوم في مطلق العقود.
أقول:
أما الوجه الأول: فيمكن الاشكال فيه: بأنه من الواضح أن العقد ليس بمعنى العهد بقول مطلق، إذ لا يرتاب أحد في عدم صدق العقد على وجوب الصلاة واستحباب غسل الجمعة وغيرها من التكاليف الشرعية، والموضوع في الآية الكريمة ليس مطلق العهد، بل الموضوع هو العقد وهو عهد خاص.
وعليه، فلا ضير في الالتزام بظهور الأمر بالوفاء في اللزوم ولا يلزم منه محذور، لخروج التكاليف الشرعية عن موضوعه التي هي منشأ الاشكال.