الضرريين، لم ينشأ عن تحكيم قاعدة نفي الضرر بل هو لأجل الدليل الخاص وظاهر الدليل أن المدار ليس على مطلق الضرر، بل على الضرر المستتبع للعسر والحرج. أما إذا لم يستتبع العسر والحرج، فلا يوجب السقوط - كما يظهر من النص الوارد في شراء ماء الوضوء -، فموضوع وجوب الوضوء هو عدم العسر والحرج المعبر عنه بالاستطاعة العرفية والتمكن العرفي، وعند حصول العسر يتحقق موضوع التيمم وهو عدم الوجدان والتمكن العرفي.
وعليه، فعند تحقق الضرر المستلزم للعسر يرتفع وجوب الوضوء ولكن من جهة ارتفاع موضوعه وهو التمكن العرفي، فلا يكون الاقدام عليه مجديا لعدم الموضوع. فهو نظير من يذهب إلى الحج مع عدم كونه مستطيعا عرفا فإنه لا ينفع في ثبوت الحج. وليس من جهة إعمال " لا ضرر "، كي يتأتى فيه حديث الإقدام على الضرر. فالتفت ولا تغفل.
هذا كله إذا كان عالما بالزيادة. وأما إذا كان مترددا، فقد استشكل الشيخ (قدس سره) (1) فيه وأنه هل يثبت له الخيار أو لا؟ وذكر لكل من الاحتمالين وجها.
والتحقيق: أنه إن بنينا على ثبوت خيار الغبن من جهة الشرط الارتكازي، فلا إشكال في ثبوته في مورد التردد، إذ تردده لا يتنافى مع بنائه على شرط المساواة، لأن إقدامه مع التردد قد يكون برجاء حصول الشرط.
نعم، لو صرح بذلك وأنه يقدم على الشراء بلا ملاحظة المساواة في الثمن كان له حكم آخر. وهذا بخلاف صورة العلم لفقدان رجاء ثبوت الشرط لديه، فاقدامه يكشف عن عدم بنائه على الشرط.
وإن بنينا على ثبوت الخيار بقاعدة نفي الضرر وإنكار الشرط الارتكازي، فقد صور المحقق الأصفهاني (رحمه الله) (2) في هذا المقام بطريقة برهانية تحقق الاقدام على الضرر المستلزم لعدم شمول القاعدة، ولا حاجة لنا بذكر تصويره.