ولذا يثبت هذا الحق لغير المالك، فيجوز له منع الغاصب من التصرف في مال الغير.
وعليه، فعدم صحة مزاحمة المالك في ماله لأجل عدم كون المزاحم مالكا، فلا سلطنة له. لا لأجل أن مقتضى سلطنة المالك المطلقة دفع المزاحم.
هذا ملخص ما أفاده الأصفهاني (رحمه الله) مع بعض توضيح منا.
والحق أن ما أفاده من أن ثبوت حق دفع المزاحم للمالك من باب النهي عن المنكر لا من جهة أنه من مقتضيات نفس السلطنة على المال، لا يمكن الالتزام به.
كيف وللمالك هذا الحق مع عدم وجود ملاك النهي عن المنكر. كما لو كان المزاحم طفلا غير مكلف أو حيوانا دخل داره، فإنه يجوز له اخراجه من داره. ولا يجوز لغيره ذلك، فلا يجوز لعمرو دفع الحيوان الداخل في دار زيد.
وهذا ظاهر في أن دفع المزاحم من باب ثبوت حق التخليص وأنه من مقتضيات السلطنة على المال بنفسها.
وكيف كان، فنحن نشترك معه في المدعى وهو ثبوت حق القلع للمالك، لكن نختلف معه في الطريق إليه (1).
وأما صاحب الغرس فهل له القلع؟ تحقيق ذلك: أن التصرف في ملك الغير بدون رضاه غير جائز إذا كان مقدمة لمجرد التصرف في ملك نفسه، كما لو توقف الجلوس في أرضه على اجتياز أرض الغير وهو غير راض به.
وأما إذا كان مقدمة لإنقاذ ماله من التلف كما لو توقف إطفاء الحريق في داره على اجتياز أرض الغير أو الانتفاع بماله بالانتفاع العقلائي، فلا إشكال في جواز التصرف، لأن المنع عنه ضرري.
نعم، لو كان التصرف في أرض الغير يوجب الضرر فيها أيضا كان من تعارض الضررين، فله حكمه المذكور في محله من التعارض أو ترجيح الأقوى منهما.
وعليه، ففيما نحن فيه إذا أراد صاحب الغرس قلع غرسه لاستيفاء منافعه فليس للمالك منعه إلا إذا استلزم ضررا على المالك.
وعليه، فقد يقال إن ما نحن فيه من هذا القبيل لأن تصرف الغارس في ملكه