أما إذا كان تعليلا لسقوط الخيار بالافتراق لم يصح - على هذا الاحتمال - لأن كونه رضا عمليا متفرع عن كونه مسقطا ومترتب عليه فلا معنى لأن يكون علة له.
وظاهر قوله (عليه السلام): " بعد الرضا منهما " أنه بمثابة التعليل للحكم بمسقطية الافتراق للخيار، فكأنه قال: فإذا افترقا فلا خيار لأنه رضا.
وعليه، فلا يمكن حمله على ما ذكره المحقق الأصفهاني (رحمه الله).
وإذا انتفت جميع هذه المحتملات يتعين المحتمل الخامس وهو الحكم بسقوط الخيار بتحقق الافتراق باعتبار أنه كاشف نوعا عن الرضا، ومقتضى هذا الاحتمال على ما عرفت عدم العبرة بالافتراق عن إكراه لعدم كشفه عن الرضا. فلاحظ.
هذا وقد استشكل المحقق الأصفهاني (رحمه الله) في هذا الاحتمال - الخامس - بوجوه:
الأول: أن تقييد الافتراق بما يكون كاشفا عن الرضا إنما يتم فيما إذا لم يكن القيد وهو قوله بعد الرضا واردا مورد الغالب، وإلا فمع كونه غالبيا لم يصلح لرفع اليد به عن الاطلاق.
والأمر فيما نحن فيه كذلك أعني كون القيد غالبيا لغلبة وقوع الافتراق عن الرضا، ومما يشهد لذلك وعدم صلاحيته للتقييد هو أن القيد المزبور ورد ذكره في التصريح بمفهوم قوله (عليه السلام): " البيعان بالخيار ما لم يفترقا " لأن قوله: فإذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما، تصريح بمفهوم: " ما لم يفترقا " وليس جملة مستقلة، فإنه شاهد على أن ذكر القيد من باب الغلبة لا لخصوصية فيه، إذ لا مجال له - لو كان مما له خصوصية - في التصريح بمفهوم المطلق.
الثاني: أن ظاهر النص هو كون عدم الخيار عند الافتراق بعد نفس الرضا لا الكاشف عنه فحمل الرضا على الكاشف عنه خلاف الظاهر. بخلاف ما إذا جعل بيانا للافتراق وأنه التزام عملي، فإنه يحافظ على ظهور لفظ الرضا في نفسه لا في غيره.
الثالث: أن الافتراق لا يكون في وقت ما كاشفا عن الرضا لأن المفترقين إما أن يمنعا من التخاير أو لا يكونا ممنوعين من التخاير.