وقد ذكر الشيخ (قدس سره) (1): أنه لا إشكال في عدم اعتبار ظهوره في رضا المتبايعين بالبيع وإن كان يظهر ذلك من بعض الأخبار، ويريد به رواية الفضيل (2) عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث - قال: " قلت له ما الشرط في غير الحيوان؟
قال: البيعان بالخيار ما لم يفترقا، فإذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما ". وقد استدل (قدس سره) فيما يأتي بهذه الرواية على اعتبار دلالة الافتراق على الرضا في سقوط الخيار، مع أنه لم يعتد بظهورها ههنا، ولم يعلم السر في ذلك، فهل نظره ههنا إلى إنكار دلالة الرواية أو إلى وقوع التسالم على خلاف مفادها؟
وعلى كل حال، فلا بد من ايقاع البحث في مفاد الرواية ومعرفة المراد منها، فنقول: إن محتملات الرواية متعددة:
الأول: أن يكون المراد بالرضا هو الرضا بالمعاملة حدوثا، فتفيد الرواية: عدم ثبوت الخيار عند الافتراق بعد صدور المعاملة عن رضا من الطرفين.
الثاني: أن يراد بالرضا الرضا بالمعاملة بقاء بمعنى عدم الفسخ بعد وقوعها، فتفيد الرواية: عدم ثبوت الخيار عند الافتراق وعدم صدور الفسخ من أحد الطرفين.
الثالث: أن يراد به الرضا بالافتراق في قبال الافتراق لا عن رضا بل عن إكراه أو اضطرار، فتفيد الرواية: أن الافتراق إنما يوجب سقوط الخيار إذا صدر عن رضا لا ما إذا صدر عن إكراه أو اضطرار.
الرابع: أن يراد بيان دخل الرضا في لزوم المعاملة وهو مما يتصور على نحوين:
أحدهما: أن يكون المدار في السقوط على الافتراق المسبوق بالرضا الواقعي، فالافتراق إنما يترتب عليه السقوط إذا تحقق العلم برضاهما في مرحلة سابقة عليه.
والآخر: أن يكون المدار في السقوط على الافتراق بما هو كاشف عن الرضا لا بما هو هو. فهذه محتملات خمسة.