وأما الوجه الثاني: وهو ما أفاده من أن المراد جعل العقد لازما بقول مطلق فلا يشمل موارد الخيار الثابت لكلا المتعاقدين، كخيار المجلس.
فيورد عليه: بأن ما ذكره ليس نصا ومما لا يقبل التقييد عقلا، بل هو على تقدير تسليمه لا يعدو أن يكون ظاهرا، فيمكن تقييده بإرادة اللزوم من قبل ذي الخيار ويقال إن مرادهم ذلك لا اللزوم المطلق، وتكون القرينة عليه ما هو المعهود من عدم تأثير الخيار في اللزوم بقول مطلق في جميع موارده.
هذا، مع المناقشة في أصل الظهور في إرادة اللزوم المطلق، بل المناقشة في المقيس عليه وهو الفسخ، كما جاء في بعض الحواشي (1)، فراجع.
ونتيجة ذلك: أن هذا التعريف لا إشكال فيه بلحاظ مقام الثبوت بناء على إرادة الاحتمال الثاني منه، فيكون كلا التعريفين خاليين عن الاشكال الثبوتي ولا محذور في الالتزام بأيهما.
فيقع الكلام بعد ذلك في ترجيح أحدهما بلحاظ مقام الاثبات. وقبل ذلك لا بد أن نعرف مقدار ارتباطهما بالمفهوم اللغوي للخيار، وقد قيل إن النسبة بينهما وبينه نسبة الخاص إلى العام، إذ مفهوم الخيار لغة عبارة عن السلطنة، ومفهومه اصطلاحا عبارة عن سلطنة خاصة.
ولكن ينفي هذا القول ما تقدم من أن مفهوم الخيار لغة ليس هو السلطنة، بل هو مفهوم يقارب مفهوم الرضا أو الترجيح. ومقتضى ذلك هو تحقق التباين بين المفهوم اللغوي والاصطلاحي.
وعليه، فقد يقال: بأنه لا فائدة في تحقيق المعنى الاصطلاحي بعد أن كان مبائنا للمعنى اللغوي، إذ لا يمكن حمل اللفظ على المعنى الاصطلاحي إذا ورد في كلام الشارع لأنه قبل الاصطلاح.
لكن الحق أن المعنى الاصطلاحي وإن كان مبائنا للمعنى اللغوي لكنه لازم له، فإن جعل حق الرضا بالعقد بقاء - كما كان له الرضا به حدوثا - أو جعل حق