الرابع: ما ذهب إليه السيد الطباطبائي (رحمه الله) (1) من أن الشرطية..
تارة: تكون بمعنى الالتزام إذا كان الشرط من الأفعال الاختيارية، كما إذا باعه بشرط أن يزور عن والده.
وأخرى: يكون بمعنى التقييد إذا كان من الأمور غير الاختيارية، كما إذا باعه العبد بشرط أن يكون أبيض، فرارا عن محذور عدم تعقل شرطية الأوصاف لو التزم بأن الشرطية بمعنى الالتزام بقول مطلق. وهو ايراد آخر على الوجه الأول.
وجعل الجامع بين النحوين هو الجعل.
ويرد عليه: أولا: ما تقدم على سابقه من عدم تصور شرط سقوط الخيار أو ثبوته. وهو واضح على الأول. وما تقدم من أن الالتزام وحده لا يحقق معنى الشرطية عرفا واصطلاحا.
وثانيا: أن المستفاد من عموم " المؤمنون عند شروطهم " إن كان حكما تكليفيا وهو وجوب الوفاء به، كان غاية ما يدل عليه لزوم اتيان ما التزم به على نفسه إذا كان الشرط فعلا اختيارا ولا دلالة له على تزلزل العقد عند تخلفه عن أداء الشرط بل غاية ما في الأمر أنه يكون آثما، مع أنه خلاف ما ثبت من ثبوت الخيار للمشروط له إذا تخلف المشروط عليه عن أداء الشرط. كما أنه لا دليل حينئذ على نفوذ شرط الوصف بل يختص بالشروط الاختيارية القابلة للتكليف شرعا.
وإن كان المستفاد حكما وضعيا وهو نفوذ الشرط اختص بشرط الوصف، فلا دلالة له على حرمة التخلف عن أداء شرط الفعل إلا أن يرجع الالتزام إلى التعهد فنفوذه بمعنى كون الفعل في عهدته فيجب الإتيان به، ولا على تزلزل العقد عند تخلفه عن أدائه لعدم التعليق فيه، إلا أن يقال: بانحلال شرط الفعل إلى شرطين، الالتزام بالفعل وتعليق العقد عليه وهو مما لا يلتزم به. فلاحظ.
والذي يتحصل لدينا أنه لم يتضح لنا لحد الآن معنى جامع للشرط في موارده المختلفة. ولنكتف بهذا المقدار من البحث فإن لتفصيل الكلام فيه محلا آخر.