المسألة الثانية: في لزوم تعيين المدة. وقد ذكر الشيخ (قدس سره) (1) أنه يشترط تعيين المدة، فلو تراضيا على مدة مجهولة، كقدوم الحاج، بطل بلا خلاف.
والوجه في ذلك هو: أن المعاملة باشتراط المدة المجهولة تصير غررية، فيشملها عموم النهي عن بيع الغرر.
وأما تسامح العرف في بعض المقامات وإقدام العقلاء عليه أحيانا، فهو لا ينفع في رفع اليد عن عموم النهي عن الغرر، إذ لا يخرجه عن ذلك عن كونه غررا، والعرف مرجع في تشخيص المفاهيم لا المصاديق.
وقد ذكر بعض الأساطين أن دائرة الغرر في الشرع أضيق من دائرته في العرف، بملاحظة تسامح العرف وعدم تسامح الشرع.
واستشكل فيه السيد الطباطبائي (رحمه الله) (2) بأن الأنسب أن يقال إن دائرة الغرر في الشرع أوسع من دائرته في العرف، لأن الغرر الشرعي على هذا أعم والأعم أوسع من الأخص.
والذي يبدو لنا أن النزاع بينهما لفظي وأن كلا التعبيرين صحيحان بملاحظتين.
وذلك لأن الشرع إذا لم يكن متسامحا في الغرر كان ذلك منشأ لتضييق دائرة الحكم بصحة المعاملة، فالسيد (رحمه الله) بدعواه أوسعية دائرة الغرر الشرعي لاحظ نفس مفهوم الغرر، وبعض الأساطين بدعواه الأضيقية لاحظ ما يستلزمه سعة انطباق الغرر من ضيق في دائرة الحكم بالصحة. فكأنه يريد أن دائرة الحكم بالصحة شرعا بملاحظة الغرر أضيق منه عرفا. والأمر سهل.
وعلى أي حال، فقد عرفت أن الوجه في دعوى لزوم تعيين المدة وتحديدها بما يرفع الجهل بها هو صيرورة المعاملة مع عدم التعيين غررية، فيشملها دليل النهي عن الغرر.
وقد ذهب المحقق الإيرواني (رحمه الله) (3) إلى عدم المحذور في جهالة مدة الخيار