وكيف كان، فمع البناء على ثبوت الخيار مع تلف أحد العوضين أو كليهما لا كلام في الصورة الأولى والثانية - أعني ما كان التلف بآفة أو بيده - فإن الحكم فيهما واضح.
إنما الكلام فيما إذا كان المتلف أجنبيا أو طرف العقد الآخر، كالمغبون لو كان التالف ما بيد الغابن. أو الغابن لو كان التالف ما بيد المغبون.
أما إذا كان التلف بسبب أجنبي، فقد عرفت أن ظاهر الشيخ (قدس سره) رجوع الغابن عليه خاصة لو كان التالف ما بيد المغبون.
وقد وقع البحث في وجه الرجوع إلى الأجنبي وفي وجه تعينه.
وقد يوجه الرجوع إلى الأجنبي: بأن الضمان إذا كان يقتضي كون العين في العهدة، فإذا أتلف الأجنبي العين كانت في عهدته للمغبون. وبما أن مقتضى الفسخ هو تبديل العلقة الثابتة بواسطة العقد وإعادة الربط السابق على العقد، فإذا تحقق دخلت العين الثابتة في عهدة الأجنبي في ملك الغابن فيستحقها عليه، فإذا أداها فهو وإلا رجع عليه بالقيمة.
نعم، إذا كان الضمان يرجع إلى اشتغال الذمة بالقيمة رأسا، فإذا أتلف الأجنبي العين اشتغلت ذمته للمغبون بالقيمة رأسا، فلا وجه لرجوع الغابن عليه بل يرجع على المغبون، والمغبون يرجع على الأجنبي.
وهذا الوجه يمكن منعه، فإن اعتبار العين في العهدة متحقق حتى مع وجود العين خارجا بمجرد وضع اليد عليها - سواء قلنا بأنها تعتبر ملكا في العهدة رأسا أو أن هناك اعتبارين أحدهما اعتبارها في العهدة والآخر اعتبارها ملكا لصاحبها في عهدة الضامن، نظير باب الذمة أيضا بالنسبة إلى الكليات، فقد قيل إن الفرق بين الذمة والعهدة هو أن الأولى وعاء الكليات والثانية وعاء الخارجيات -. وهذا يكشف عن أن الربط الحاصل بالنسبة إلى العين ليس هو الربط العقدي بل هو ربط حاصل بواسطة الاتلاف فلا معنى لتأثير الفسخ في ثبوت الملكية للغابن، بل الحال فيه حال القول بأن الضمان يرجع إلى اشتغال الذمة.