الاجتماع بمشي خطوة بل يقال إنهما مجتمعين، فلا يقال لمن بعد عن صاحبه مقدار خطوة أنه فارقه، إذ كثيرا ما يكون ذلك بين رفيقين يسيران في الطريق، بل لا بد من مشي خطوات عديدة، ولعله لأجل ذلك ورد في النص (1) أنه (عليه السلام) مشى خطوات بقصد ايجاب البيع. نعم لو كان المراد من الافتراق عبارة عن زوال هيئة المتبايعين - ولو كانا منفصلين حال البيع تمام الانفصال - تحقق بخطوة بل بأقل منها، فيتجه القول الأول، لكن عرفت الاشكال في المبنى المذكور. فلاحظ.
الجهة الرابعة: في أن الافتراق بمفهومه العرفي هل يتحقق من الطرفين بحركة أحدهما وسكون الآخر، أو أنه لا يتحقق إلا بحركة كل واحد منهما إلى غير جهة الآخر؟
كلام الشيخ (قدس سره) في المقام لا يخلو عن تهافت، لأن ظاهر صدر كلامه هو تحقق الافتراق من كل منهما بحركة أحدهما خاصة بملاحظة عدم مصاحبة الآخر معه فيكون كل منهما مفترقا. وظاهر ذيل كلامه: أن الافتراق في مثل هذه الصورة يتحقق بالنسبة إلى المتحرك خاصة وإن استلزم سقوط الخيار من الطرفين، نعم سكون الآخر شرط في اتصاف حركة المتحرك بالافتراق. أما المفترق فهو خصوص المتحرك. واستدل بالنص المتضمن لمشيه (عليه السلام) خطا بقصد ايجاب البيع.
وقد ذكر السيد الطباطبائي (رحمه الله) (2) كلاما طويلا في المقام، ملخصه: هو إنا نلتزم بتحقق الافتراق من الطرفين في صورة الحركة من أحدهما وسكون الآخر وإلا فلو كان الافتراق من جهة المتحرك خاصة فلا دليل على سقوط الخيار من الطرفين، لأن ظاهر الأدلة هو استناد السقوط إلى حركة صاحب الخيار وافتراقه، والرواية المزبورة لا تدل على ذلك لأن الإمام (عليه السلام) بتحركه أوجد افتراق الطرف الآخر أيضا لا أنه افترق خاصة ولكن بافتراقه سقط خيار الآخر، بل تحقق الافتراق من طرف دون آخر غير معقول.