مجال للتروي والتأمل في إمضاء العقد وفسخه، وما هو الصالح منهما يكشف عن الرضا بالعقد، إذ أخذ الثمن لو لم يكن بانيا على الالتزام بالعقد يكون لغوا، إذ لا يمكنه التصرف به لأن التصرف به مسقط للخيار والمفروض أنه ليس في هذا المقام.
وبالجملة، لو كان بانيا على فسخ العقد لا معنى لأخذه الثمن لأنه عمل لغو.
فأخذه والحال هذه يكون كاشفا عن اختياره الالتزام بالعقد، وليس الحال كذلك بالنسبة إلى أخذه بعد العقد مباشرة، إذ يمكن أن يكون مترددا ولم يميز الصالح بعد لعدم مضي زمان صالح للتروي والجزم بأحد الطرفين، فلا يكون أخذ الثمن كاشفا نوعيا عن التزامه بالعقد في مثل ذلك.
وبالجملة، لا اشكال بأن أخذ الثمن فيما نحن فيه كاشف نوعي عن الالتزام بالعقد والرضا به - بعد فرض أن التصرف مسقط للخيار - وبمقتضى حجية الظواهر العرفية في باب الأقوال والأفعال يتم المطلوب.
ويقع الكلام بعد ذلك في أن مطالبة الثمن هل تستلزم سقوط الخيار أو لا؟
قد يقال: بالسقوط، لدلالته على الرضا بالبيع. واستشكل الشيخ (قدس سره) فيه بأن سبب الخيار هو الضرر الحاصل في المستقبل، إذ الضرر الحاصل في الماضي مما لا يمكن تداركه بالخيار. ومطالبة الثمن لا تدل على الرضا بالضرر في المستقبل بل هي استدفاع له كالفسخ. وليست التزاما به ليسقط الخيار.
أقول: يرد على الشيخ (قدس سره) وجهان:
الأول: أنه لا وجه لتركيزه الكلام على الضرر الماضي والمستقبل وإهماله الضرر الفعلي بالمرة، مع أن ملاك نفي الضرر هو الضرر الفعلي لظهور الدليل في فعلية الحكم بفعلية موضوعه. فالخيار الثابت بملاك دفع الضرر إنما يلحظ فيه الضرر الفعلي الحاصل من التأخير لا الضرر الماضي لعدم تداركه بالخيار ولا الضرر الاستقبالي لأنه خلاف ظاهر الدليل. ولم نعلم الوجه في إغفال الشيخ (قدس سره) ذلك وسكوت المحشين عنه.
ولا يخفى عليك أنه يمكن تقريب دلالة المطالبة بالثمن على الرضا بالعقد والتجاوز عن الضرر الفعلي بعين ما تقدم في بيان دلالة أخذ الثمن، إذ لا معنى للمطالبة إذا