الدرهم الوافي والكتاب الوافي إذا لم يتجاوز كل منهما ما بني عليه من كونه بالوزن الخاص وكونه مؤديا للمقصود. كما لا يعتبر في صدقه القيام الخارجي بالمقصود كي نتوقف في صدقه في المثالين، إذ لا عمل صادر من الدرهم ولا الكتاب. بل المراد به أعم منه ومن القيام بالمقصود ولو بغير اختيار، ولعل التعبير الجامع هو أداء وكونه بنحو لا يتجاوز المقصود بل يؤديه ولا يقصر عنه.
ومنه ظهر اختلاف ما نذهب إليه في معنى الوفاء مع ما ذهب إليه المحقق الإيرواني (رحمه الله) من أن معناه هو القيام الخارجي بما التزم به. وما ذكره المحقق الأصفهاني (رحمه الله) من أن معناه هو الاتمام.
نعم، ما ذكر له من المعنيين يحققان معناه الذي ذكرناه في بعض الموارد، فالقيام بما التزم به قياما خارجيا في مثل المزارعة يحقق عدم التجاوز عما التزم به. وهكذا الاتمام في مثل الكيل والميزان، فإنه يحقق عدم التجاوز عن المرغوب فيه في الكيل إلى خلافه.
وما ذكرناه أقرب لمعنى الوفاء من جميع ما ذكر، ويمكن تطبيقه على جميع موارد استعمال هذه الكلمة بمشتقاتها المختلفة.
وإذا ظهر ذلك، فننقل الكلام فيما نحن فيه وهو الآية الكريمة: * (أوفوا بالعقود) *، وبما أنك عرفت أن معنى الوفاء يساوق العمل بالتزامه وعدم التجاوز عنه، فالباء في الآية الكريمة شأنها شأن الباء في قولنا العمل بالالتزام، والمراد على هذا عدم التجاوز عن العقد والعمل به بتطبيق مقتضاه.
وبما أن مفاده - في البيع مثلا - هو النقل والانتقال والتمليك والتملك، فمقتضى الوفاء به البناء على الملكية والنقل والانتقال، وعدم التجاوز عنها.
وعليه، فالأمر بالوفاء أمر بابقاء الملكية وعدم فسخها وإزالتها، فمرجعه إلى النهي عن إزالتها. وهذا مما لا يمكن الالتزام به لأنه..
إما أن يراد به اثبات صحة العقد أو لزومه، وعلى كلا التقديرين إما أن يكون الأمر ارشاديا أو مولويا.
أما فرض أن يراد به اثبات صحة العقد وكونه مولويا، فيدفعه: أن وجوب