وأما الوقف: فقد ذكر الشيخ (قدس سره) (1) أنه مما اختلف فيه. والمشهور عدم دخوله فيه. والوجه في عدم صحة شرط الخيار فيه أمور:
الأول: أنه مما يشترط فيه قصد القربة.
الثاني: أنه فك ملك بغير عوض.
الثالث: ما ورد من النص (2) في أن من أوقف أرضا ثم قال إن احتجت إليها فأنا أحق بها ثم مات الرجل فإنها ترجع في الميراث. ووجه دلالتها هو حمل قوله: " أن احتجت إليها فأنا أحق بها " على شرط الخيار، وقد حكم الإمام (عليه السلام) ببطلان هذا الشرط وهو مستلزم لبطلان الوقف ولذلك حكم برجوع المال ميراثا.
واستشكل الشيخ (قدس سره) في كبرى الوجهين الأولين، كما تأمل في دلالة الرواية.
أما الوجه الأول: فصغراه ممنوعة إذ لم يثبت اشتراط قصد القربة في صحة الوقف، نعم ورد في وقف الإمام (عليه السلام) أنه فعله بداعي القربة وهو لا يدل على اشتراطه فيه.
كما أن كبراه ممنوعة، إذ عرفت أنه لا دليل على امتناع شرط الخيار فيما يعتبر فيه قصد القربة إلا رواية: " ما جعل لله... ". وقد عرفت أن المراد بها غير ذلك وهو ما أتى به في سبيل الله، كما عرفت أن نفي الرجعة فيه لا يدل على أكثر من اللزوم الطبعي. نعم لو دلت على اللزوم بقول مطلق لدلت على عدم صحة شرط الخيار في الوقف الواقع في سبيل الله تعالى كالأوقاف الخيرية، لا مطلق الوقف.
وأما الوجه الثاني: فالكبرى فيه ممنوعة، إذ لم يثبت اعتبار المعاوضية في صحة شرط الخيار، إلا ببعض الوجوه الفاسدة، فراجع ما أفاده الأصفهاني (رحمه الله) (3) في بعض وجوه المنع من شرط الخيار في النكاح.