ومن ذلك يظهر الاشكال في الالتزام بثبوت هذا الخيار لو ساعد النص عليه، للجزم بأن النص لا يتكفل حكما تعبديا صرفا بل تلحظ فيه جهة عقلائية، وقد عرفت أن ليس في ثبوت هذا الخيار للبائع جهة داعية إليه لعدم الضرر عليه، وعدم اندفاعه على تقدير ثبوته.
هذا، مع ما يستدل به من النصوص عليه لا يصلح لاثباته، فإنه روايتان:
إحداهما: مرسلة محمد بن أبي حمزة (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " أويب " وأبي الحسن (عليه السلام) في الرجل يشتري الشئ الذي يفسد من يومه ويتركه حتى يأتيه بالثمن، قال: " إن جاء فيما بينه وبين الليل بالثمن وإلا فلا بيع له ". وهي لارسالها غير صالحة للاعتماد عليها.
والأخرى: رواية ابن رباط عن زرارة (2) عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث - قال: " العهدة فيما يفسد من يومه مثل البقول والبطيخ والفواكه يوم إلى الليل ".
وهي مخدوشة:
أولا: من حيث السند، لاحتمال أنها مرسلة، إذ في بعض النسخ (عمن رواه) بدل (عن زرارة) بل احتمال أنه من كلام الصدوق (رحمه الله) لا من كلام الإمام (عليه السلام)، كما استظهر ذلك صاحب الجواهر (3).
ثانيا: من حيث الدلالة، إذ لا يعرف المراد من العهدة هل هو عهدة البيع فتكون دالة على الخيار، أو عهدة المبيع فتكون دالة على ارتفاع الضمان عند حلول الليل.
ولعل الظاهر هو الثاني لتعارف التعبير عن الضمان بالعهدة. وإذا ثبت عدم ثبوت هذا الخيار لا شرعا ولا عقلائيا، فلا نرى ضرورة في ايقاع البحث في سائر الجهات التي تعرض لها الشيخ (قدس سره).