ويشكل التقريب الأول لهذا الوجه بما أفاده السيد الطباطبائي (رحمه الله) (1) من أنه لا يعتبر في إسناد الفعل إلى الفاعل المختار وغيره سوى قيامه به أو صدوره عنه ولو كان صدوره عن غفلة وعدم شعور، واستشهد على ذلك ببعض الأمثلة، كقولهم:
" من أتلف مال غيره فهو له ضامن ". فإنه يؤخذ باطلاقه في إثبات الضمان في موارد الاتلاف الصادر عن غير اختيار، ومثل: " من أحدث بطلت صلاته أو وضوءه " فإنه شامل للحدث الاختياري وغيره.
كما يرد على هذا الوجه ما ذكره المحقق الإيرواني (رحمه الله) (2) من: أن ما يدل على النسبة الصدورية ظاهر في الصدور الاختياري سواء كان اسما مثل ضارب أم فعلا مثل ضرب وأما ما يدل على النسبة الحلولية أو الوقوعية مثل مات ونام وتدحرج ومضروب فلا ظهور له في الاختيار لو لم يكن له ظهور في العكس.
والافتراق من قبيل الثاني فإنه يدل على المطاوعة وتحمل المبدأ.
وعليه، فلا ظهور له في الافتراق الاختياري. نعم لو كانت غاية الخيار هو التفرق كان ظاهرا في الاختيار.
ومن هذا البيان يظهر الاشكال فيما أفاده المحقق الأصفهاني (رحمه الله)، فإنه بعد إنكار ظهور الافتراق في الافتراق الصادر عن إرادة لا تصل النوبة إلى استظهار صدوره من الفاعل بنحو الاستقلال وعدم شركة الغير فيه. فلاحظ.
الوجه الثاني: دعوى أن المتبادر من التفرق هو الناشئ عن رضا بالعقد، وقد ذكر الشيخ (قدس سره) هذا الوجه بهذا المقدار بلا تقريب له.
وقد قربه بعضهم (3) بأن الافتراق بحسب ملاحظة السيرة الخارجية ينشأ غالبا عن الرضا بالمعاملة بحيث إذا لم يتحقق الرضا لم يتحقق الافتراق ولذا كان الافتراق كاشفا نوعا عن الرضا، كما تقدم بيانه في الجهة الأولى.