وثانيا: لو سلم ورودها بالنحو الذي قربه الشيخ (قدس سره) الظاهر في اعتبار قبض المبيع، فلا تصلح لتقييد المطلقات أيضا بل هي معارضة لها، وذلك لأن ظاهرها كون المدار على خصوص قبض المبيع بلا دخل لقبض الثمن فيه، وهذا ينافي مفاد سائر النصوص الظاهرة في دخل قبض الثمن.
وبما أنه قد فرض في موردها عدم قبض الثمن، فجعل المدار فيها على قبض المبيع خاصة تكون نصا في نفي دخالة قبض الثمن لأنه المتيقن، فتكون معارضة لسائر النصوص الدالة على دخل قبض الثمن خاصة دون قبض المبيع بالنص أيضا. وإذا وصلت النوبة إلى المعارضة كان الترجيح للمطلقات للاجماع على اعتبار تأخير الثمن حتى ممن عمل برواية ابن يقطين فلا بد إما من طرح الرواية، أو حملها (1) على ما لا يتنافى مع اعتبار عدم قبض الثمن خاصة، بأن يكون المقصود من قوله: " فإن قبض بيعه " مدلوله الالتزامي لملازمة قبض المبيع لقبض الثمن عادة، كما أشار إليه السيد (رحمه الله). فتدبر.
ونتيجة ما ذكرناه أن الصحيح هو ما أفاده السيد تبعا لصاحب الرياض (رحمهما الله).
ويقع الكلام بعد ذلك في فروع تبتني على اعتبار عدم قبض المبيع في الخيار:
الفرع الأول: ما إذا كان عدم قبض المشتري لعدوان من البائع بأن بذل له الثمن فامتنع من أخذه واقباض المبيع حتى مضت الثلاثة أيام، فهل له الخيار أو لا؟
ذهب الشيخ (قدس سره) إلى الثاني وعلله بأن ظاهر النص والفتوى كون هذا الخيار ارفاقا للبايع ودفعا لتضرره، فلا يجري فيما إذا كان الامتناع من قبله.
ولا يخفى أن ظاهر استدلال الشيخ (قدس سره) هو أن مقتضى إطلاق الأخبار في نفسه ثبوت الخيار في هذه الصورة وإنما يرفع اليد عنه بملاحظة تنقيح المناط. إذ لو كانت الأخبار بحسب دلالتها قاصرة الشمول لهذه الصورة لم تصل النوبة إلى تنقيح المناط ونحوه.