في هذا المقام يستلزم ملاحظتها في مرحلة سابقة عليها، وامتناعه من الواضحات. ومن هنا كان اطلاق الحكم غير مجد في رفع الشك في رافعه، إذ ليس الاطلاق بلحاظ النفي الرافع.
ولا يخفى أن هذا الوجه يختص بالآيتين، لأن الفسخ - على تقدير تأثيره - يرفع ما يثبت بهما مباشرة وهو جواز التصرف بجميع أنحاء التصرف. وليس كذلك بالنسبة إلى آية الوفاء، لأن المراد بالوفاء ههنا هو العمل بما التزم به والفسخ على تقدير تأثيره يرفع ما التزم به وهو النقل والانتقال، فهو لا يرفع حكم الآية مباشرة بل يرفع موضوعه فيرتفع الحكم. فنسبة الفسخ ليست نسبة الرافع لحكم المطلق.
فلاحظ.
وهذا المطلب سمعناه من بعض الأعلام (قدس سرهم) ويخطر بالذهن إنه منسوب إلى الشيخ (قدس سره) ولا يحضرنا فعلا إنه موجود في كتاب المكاسب، وإن كنا نحتمل ذلك قويا، ولعله من العلم المخزون في الصدور المتناقل على الألسنة.
وعلى أي حال، فهو غير تام وذلك لأن المقصود التمسك بالاطلاق من دون لحاظ المشكوك بوصف الرافعية، بل بلحاظ ذاته وهي غير مترتبة على وجود الحكم. فإذا ثبت الحكم - بواسطة الاطلاق - عند وجود ما يشك في رافعيته بملاحظة ذاته، كشف ذلك عن عدم كونه رافعا. فيقال مثلا عند قول: " فسخت " يشك في وجود الحكم ومقتضى الاطلاق ثبوته حينذاك، فيعلم أنه ليس رافعا، فالمشار إليه ذات قول " فسخت " لا بما هو مشكوك الرافعية كي يقال إن ذلك متأخر عن أصل وجود الحكم.
ثم إن المحقق الأصفهاني (رحمه الله) (1) استشكل في اطلاق الآيتين الكريمتين الأخيرتين بما يمكن أن يرجع إلى: أن غاية ما تفيده الآيتان هو ثبوت جواز جميع التصرفات عند تحقق البيع أو التجارة. أما ثبوت ذلك في جميع الأحوال والأزمان فلا اطلاق لهما.