وغرضه مما نقلناه بعبارته: أن اسقاط الخيار لا يكون منافيا بوجه لجعل الخيار بل هو من شؤون الحق، فلا منافاة أصلا في كلام المولى حين يقول له:
" جعلت لك الحق الكذائي ولك أن تسقطه "، فهو نظير جواز اخراج ما ملكه بالشراء عن ملكه بالبيع أو بالهبة أو بغيرهما. فإن مثل هذه الأحكام لا تعد منافية لمقتضى العقد بوجه من الوجوه، بل تعد من فروع وشؤون مقتضاه، غاية الأمر يحتاج في ثبوتها إلى أسباب مجعولة شرعا. فدليل الشرط غاية ما يقتضيه امضاء شرط عدم الخيار بمعنى جعله للشرط سببا لترتب السقوط عليه. والمفروض أن أصل السقوط مما لا يتنافى مع ثبوت الحق كما عرفت.
إذن فلا منافاة بين دليل الشرط ودليل الخيار بالمرة بل دليل الشرط كدليل امضاء هبة ما اشتراه من غيره. فلاحظ.
وقد جعل السيد الطباطبائي (رحمه الله) (1) ما ذكره الشيخ (قدس سره) أخيرا - الذي أوضحناه - من تتمات الوجه الثاني في رد اشكال كون الشرط مخالفا لمقتضى العقد، ومن متممات الجمع بين الدليلين الذي أفاده الشيخ (قدس سره) فقال: " والثاني إنا سلمنا كون الدليل شاملا للصورتين إلا أنا نستكشف من النص والاجماع على جواز اسقاطه في الجملة أنه ليس من مقتضيات العقد على وجه لا يمكن تغييره، وحينئذ نقول إن دليل الشرط لما كان حاكما على أدلة الأحكام يدل على امكان اسقاطه بالشرط أيضا ". والذي نراه أن ما ذكره أخيرا وجه مستقل ذكره لدفع تخيل أن الشرط من الشروط المخالفة للسنة ولا ربط له بالجمع بين الدليلين، فهما وجهان لا وجه واحد.
وذلك لأن مقتضى الجمع بين الدليلين هو منافاة أحد الدليلين للآخر وإنما يسلك بعض الطرق للجمع بينهما بنحو يرتفع التنافي. وقد عرفت أن ما ذكره الشيخ (قدس سره) أخيرا يرجع إلى بيان عدم المنافاة بين جعل الخيار وبين سقوطه المقتضي لعدم المنافاة بين دليل الخيار وبين دليل مسببية الشرط للسقوط كما لا منافاة بين