وعليه، فالمراد من الافتراق المجعول غاية للخيار في النصوص هو الفرد الغالب منه لانصراف اللفظ إليه بمقتضى الغلبة، فلا يكون غيره من أفراد الافتراق النادرة موجبا لزوال الخيار.
ولا يخفى أن هذا الاستدلال لا يرتبط بالاستدلال برواية الفضيل المتقدمة الذكر، بل هو استدلال مستقل يعتمد على دعوى الانصراف بحكم الغلبة.
ويتوجه عليه: - بعد الفراغ عن هذه الجهة - أن المراد إن كان انصراف الافتراق إلى الافتراق المسبوق بالرضا بالمعاملة بحيث تكون الغاية مجموع الأمرين الافتراق والرضا السابق عليه، ففيه: أن الرضا بنفسه يستلزم سقوط الخيار ولزوم المعاملة عند تحققه.
وعليه، فلا معنى لأخذ الافتراق اللاحق له دخيلا في السقوط، بل يكون أخذه لغوا لسقوط الخيار قبل تحققه.
وإن كان المراد الانصراف إلى الافتراق الكاشف نوعا عن الرضا فيكون المسقط هو الخيار بما هو كاشف عن الرضا نوعا لا بما هو هو، ففيه:
أولا: إنا ننكر كون الافتراق غير الكاشف عن الرضا نوعا نادر التحقق، بل هو كثير وإن كان الفرد الكاشف أكثر منه لكن مطلق الأكثرية لا تستلزم الانصراف.
وثانيا: ما تقرر أخيرا من أن الغلبة والشيوع بحسب الوجود الخارجي لا يستلزم انصراف اللفظ المطلق إلى الفرد الشائع، وإنما الموجب للانصراف هو الغلبة بحسب الاستعمال الموجبة لحصول الأنس بين اللفظ والمعنى. وهي - أعني الغلبة بحسب الاستعمال - غير مدعاة ولا مجال لادعائها لعدم الشاهد عليها بل الشاهد على خلافها.
الوجه الثالث: حديث رفع الاكراه (1)، فإن مقتضاه عدم ترتب الأثر على الافتراق المتحقق عن إكراه وهو اللزوم، بناء على شمول حديث الرفع للأحكام الوضعية كشموله للأحكام التكليفية.