ولكنه (قدس سره) بعد التزامه بالظهور في الفساد استقرب دلالتها على نفي اللزوم خاصة.
لأجل فهم العلماء وحملهم الأخبار على نفي اللزوم.
ولأجل قوله (عليه السلام) في أكثر تلك الأخبار: " لا بيع له " يريد به المشتري فإنه ظاهر في اختصاص النفي به ولا معنى له لو أريد به نفي الصحة إذ هي لا تقبل التبعيض، فلا بد أن يراد به نفي اللزوم من طرف البيع إذ يمكن أن يكون البيع لازما من طرف أحد المتعاقدين دون الآخر.
لكنه استدرك بأن الموجود في رواية ابن يقطين: " فلا بيع بينهما ".
ثم إنه اكتفى بالشك لرجوعه إلى استصحاب الآثار المترتبة على البيع. هذا ما أفاده الشيخ (قدس سره) في المقام.
وتحقيق الكلام: إن محتملات هذه النصوص ثلاثة:
الأول: تكفلها لنفي اللزوم فقط.
الثاني: تكفلها لنفي الصحة من حين العقد، فتكون دالة على أن القبض في الثلاثة شرط في صحة البيع نظير القبض في المجلس الذي هو شرط لصحة بيع الصرف.
الثالث: تكفلها لنفي الصحة فيما بعد الثلاثة.
ولا يخفى عليك أن الظهور البدوي لقوله: " لا بيع " هو نفي الصحة - في الجملة - لا نفي اللزوم، لكن قد يستشكل في ذلك من جهتين:
الجهة الأولى: وهي راجعة إلى استظهار نفي اللزوم من هذا التركيب في حد نفسه مع قطع النظر عن القرائن الأخرى. وذلك ببيان: أن البيع الوارد في النص المدخول لأداة النفي إما أن يراد به البيع الانشائي وهو العقد أو يراد به البيع الحقيقي وما هو بالحمل الشائع تمليك. وبعبارة أخرى: إما أن يراد به السبب أو المسبب.
فعلى الأول: يكون كل من الصحة واللزوم من آثار البيع. والمراد بالنفي حينئذ ليس نفي الحقيقة واقعا لتحقق السبب وجدانا، بل نفيها بلحاظ نفي الأثر. والأثر الظاهر للبيع بما هو عقد وإن كان هو نفوذه وتأثيره لكنه بما هو بيع يكون أثره الظاهر هو اللزوم لأنه المعاملة المبنية على اللزوم.