فيتحصل لدينا احتمالات خمسة في معنى النص.
ولا يخفى أن الشيخ (قدس سره) قد رجح الوجه الثالث من الوجوه التي ذكرها، وقد اختلف بيانه في كلامه. فصدر كلامه ظاهر في ما بيناه من أخذ التصرف بما هو كاشف نوعي عن الرضا مسقطا للخيار، ولكن ذكر في بعض كلماته أن التصرف يكون التزاما فعليا ويريد به أن التصرف يمكن قصد انشاء الالتزام به لدلالته عليه، فيكون كانشاء الالتزام بالقول، ويترتب عليه السقوط حينئذ لأن الالتزام بالعقد موجب لسقوط الخيار بأي كيفية تحقق.
فمسقطية التصرف على النحو الأول من البيان بحكم الشارع تعبدا والعلة فيه الكشف النوعي.
أما على النحو الثاني، فاستلزامه للاسقاط من باب تحقق الالتزام بالعقد انشاء وهو موجب للسقوط على القاعدة.
وعلى أي التقديرين، فأساس الوجه الثالث على دعوى كون التصرف كاشفا نوعا عن الرضا، وهذا مما لا يمكن الالتزام به خصوصا في مثل التصرفات المذكورة في النصوص، إذ الكشف إما بالوضع أو بغلبة ملازمته للرضا.
والأول واضح البطلان. والثاني ممنوع، إذ ليس الغالب في التصرفات ملازمتها لتحقق الرضا، فكثيرا ما يتحقق التصرف مع الغفلة عن تزلزل العقد، كما ينشأ عن الاختبار واستعلام حال المبيع، بل قد يتحقق مع العزم على الفسخ. فلا يمكن أن يلتزم بأن التصرف انشاء عملي للالتزام أو أنه مسقط تعبدا لعلة كونه كاشفا نوعا عن الالتزام والرضا، ولأجل ذلك توقف الشيخ (قدس سره) في آخر كلامه وذهب إلى أن تشخيص المراد من النص في غاية الاشكال.
وأما ما أفاده المحقق الأصفهاني (رحمه الله) من: أن التصرف التزام عملي، فهو مصداق للرضا حقيقة وبدون مسامحة.
ففيه: أنه إن كان التزاما عمليا تنزيلا وتعبدا، فهو مما ينكره لرجوعه إلى الوجه الأول من وجوه الشيخ (قدس سره).