الفسخ من الملتفت إلى كونه حقا له ملازم عرفا للالتزام بالعقد، فجعل حق الفسخ وتركه ملازم لجعل حق الالتزام بالعقد وإبرامه بإمضائه بقاء، فيثبت بذلك حق الابرام. ومن الممكن أن يكون نظر القائل إلى هذه الجهة وإن جاء في الكتاب أنه دليل على عدم ثبوت حق الابرام، فلعله اشتباه من الناسخ فجعل لفظ: " الأول " مكان " الثاني "، فراجع.
وكيف كان الأمر، فهذا التقريب مخدوش بوجهين:
الأول: إنكار الملازمة بين ترك الفسخ والالتزام بالعقد، بل من الممكن بناءه على الفسخ بعد حين لأجل عدم توفر ما يترتب عليه لديه من إرجاع الثمن ونحو ذلك، ومن الممكن تردده فعلا في الصالح لشأنه.
الثاني: أنه لو سلمت الملازمة، فمجردها لا يكفي في ترتيب الأثر على ما يلازم ترك الفسخ من الالتزام بالعقد، بل لا بد من البحث عن دليل على ترتب الأثر على الالتزام بالعقد الذي هو محل البحث.
وبعبارة أخرى: إثبات الملازمة غاية ما ينفع في إثبات موضوع البحث وهو تحقق الالتزام عند ترك الفسخ، أما أنه يترتب عليه الأثر وهو إبرام العقد فكيف نستفيده من الملازمة؟. وهذا واضح جدا.
وأما جواب المحقق الأصفهاني (رحمه الله) عن البيان المزبور بأن مقتضى تطبيق المقام على قاعدة المقتضي والمانع أن العقد لا يكون مقتضاه وهو اللزوم فعليا إلا بزوال المانع وهو حق الخيار لا بمجرد عدم إعمال جهة مخالفة لمقتضاه.
فهو أجنبي عن هذا التوجيه بالمرة، إذ ليس الكلام متركزا على المقتضي والمانع فقط، بل ذكر ذلك تمهيدا لبيان ملازمة عدم الفسخ للالتزام بالعقد الذي يسقط به الخيار ويتحقق به اللزوم. فالمتعين هو الجواب بما ذكرناه.
وهناك وجه آخر في إثبات حق الابرام وهو: دعوى قيام السيرة على ذلك المنتهية إلى زمان المعصوم (عليه السلام) من دون ردع، الكاشف عن إمضائها.
ويمكن الخدشة في ذلك: - مع غض النظر عن مناقشة أصل قيام السيرة