صورة كون العين في يدهما وكل واحد يدعي الكل وأقام البينة ولا يمكن الجمع بين البينتين كأن قامت إحداهما على ملكيتها لأحد المتخاصمين أمس والبينة الأخرى على الملكية اليوم المشهور تقدم المتشبث لا تساقط البينتين، بل لأن كلا من المتخاصمين في يده النصف والنصف الآخر في يده الآخر فمقتضى الخبر المعروف البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه أو على من أنكر إقامة كل من المتخاصمين على مدعاه من النصف الذي يكون في يد طرفه في الدعوى.
ويدل على أيضا خبر المنصور المذكور، المرسل المذكور، لكن في قبالها خبر أبي بصير، وخبر إسحاق بن عمار، وأيضا في قبالها خبر البصري، وموثقة سماعة، والصحيح عن الرجل يأتي القوم ويدعي دارا في أيديهم ويقيم البينة، ويقيم الذي في يده الدار البينة أنه ورثها من أبيه لا يدري كيف أمرها، فقال:
أكثرهم بينة يستحلف وتدفع إليه، وذكر أن عليا صلوات الله عليه أتاه قوم يختصمون في بغلة فقامت لهؤلاء بينة أنهم أنتجوها على مذودهم لم يبيعوا ولم يهبوا، وقامت لهؤلاء البينة بمثل ذلك، فقضى بها لأكثرهم بينة واستحلفهم (1).
وتنظر في دلالة هذا الصحيح بأن الاستدلال به إن كان من جهة الذيل المتضمن لقضاء علي صلوات الله وسلامه عليه في البغلة فوجه النظر فيه واضح، لعدم التعرض فيه لكونها في يد أحدهما كما هو فرضنا فيحتمل كونها في يد ثالث، وإن كان من جهة الصدر المصرح فيه بكون العين المتنازع فيها في يد أحدهما فوجه النظر فيه أنه لا تعلق له بما نحن فيه من تعارض البينتين بالملك، لأن بينة ذي اليد إنما هي على كون الدار في يده بالإرث لا على كونها في يده بالملك.
ويمكن أن يقال لا بد من تعارض البينتين في الملك فإنه لولا التعارض في الملك لا مانع من الأخذ بالبينتين، بأن يكون ذو اليد ورث من أبيه وانتقل بعد الوارثة إلى الطرف، كما لو قامت البينة على ملكية الدار مثلا لزيد في السنة الماضية وبينة أخرى على ملكيتها في السنة التالية لها لعمرو.