وهذه الرواية وإن ضعفت من جهة السند من جهة حفص وغيره إلا أنها بمنزلة استدلال لا يبقى معه شبهة، ومثل هذا الاستدلال بعيد أن يكون صادرا من مثل حفص وأمثاله، ولعل ما ورد من الأخبار على التشديد في باب الشهادة، والشهادة كما تعرف كفك، وعلى مثلها يعني الشمس فاشهد أو دع ونحوهما، محمولة على الشهادة من جهة الظن أو الاطمينان بلا حجة.
ثم إن الظاهر لزوم العلم بأي نحو حصل، فلو حصل العلم من السماع فيما يكون حصول العلم به غالبا بالرؤية، أو من المشاهدة فيما يكون حصول العلم به من السماع كفى، فما يظهر من كلماتهم من التفرقة لعل النظر فيه إلى الغالب.
والشاهد يتحمل الشهادة ولو لم يستدعه المشهود له، بل ولو كان المشهود عليه كارها، أو خبئ فنطق المشهود عليه، لعدم الدليل على اشتراط شئ مما ذكر في اعتبار شهادة الشاهد وقد يتوجه الذهن إلى حصول الاتهام في صورة اختباء الشاهد من جهة حصول الحرص على الشهادة كشهادة المتبرع بالشهادة بدون استدعاء الحاكم، لكن القائلين باشتراط الاستدعاء لم يقولوا بالمانعية أو اشتراط عدم الاختباء في المقام.
(وإذا دعي الشاهد للإقامة وجب إلا مع ضرر غير مستحق، ولا يحل الامتناع من التمكن، ولو دعي للتحمل فقولان، المروي الوجوب، ووجوبه على الكفاية، ويتعين مع عدم من يقوم بالتحمل، ولا يشهد إلا مع المعرفة أو شهادة عدلين بالمعرفة، ويجوز أن تسفر المرأة ليعرفها الشاهد ويشهد على الأخرس بالإشارة، ولا يقيمها بالاقرار.) إذا دعي الشاهد لإقامة الشهادة بعد تحملها وجب إقامتها، بلا خلاف ظاهرا، بل ادعي عليه الاجماع، ويدل عليه قوله تعالى (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) وفي خير جابر المروى بعدة طرق في كتب متعددة عن أبي جعفر عليهما السلام (قال رسول الله صلى الله عليه وآله من كتم شهادة أو شهد بها لتهدر دم امرء مسلم أو ليزوي مال امرء مسلم أتي يوم القيامة