وأما عدم الضمان لو ألقت الدابة الراكب فلعدم ما يوجب الضمان، ومقتضى الأصل عدمه، إلا أن يكون الالقاء من جهة تنفير الدابة فيترتب الضمان.
ولو أركب المولى مملوكه ضمن المولى جناية الراكب، لصحيح ابن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل حمل عبده على دابته فوطئت رجلا، فقال الغرم على مولاه " (1).
والمحكي عن ابن إدريس رحمه الله اشتراط ضمان المولى بصغر المملوك، ولا يخفى أن مقتضى إطلاق هذا الصحيح عدم الفرق، بل لعل الظاهر الكبير في مورد السؤال، ولعل وجه الحكم في الصحيح المذكور كون ركوب الدابة بأمر المولى فلا ينافي هذا كون جنايات المملوك على نفسه فيكون الدية عليه يتبع به بعد العتق.
(البحث الثالث في تزاحم الموجبات، إذا اتفق السبب والمباشر ضمن المباشر، كالدافع مع الحافر، والممسك مع الذابح، ولو جهل المباشر السبب ضمن المسبب كمن غطى بئرا حفرها في غير ملكه فدفع غيره ثالثا فالضمان على الحافر، على تردد.
ومن هذا الباب واقعة زبية الأسد، وصورتها وقع واحد فتعلق بآخر، والثاني بثالث، وجذب الثالث رابعا، فأكلهم الأسد، فيه روايتان أحدهما رواية محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهما السلام قال قضى أمير المؤمنين عليه السلام في الأول فريسة الأسد وأغرم أهله ثلث الدية للثاني، وأغرم الثاني لأهل الثالث ثلثي الدية، وأغرم الثالث لأهل الرابع الدية كاملة، والأخرى رواية مسمع عن أبي عبد الله عليه السلام أن عليا عليه السلام قضى للأول ربع الدية، وللثاني ثلث الدية، وللثالث نصف الدية، وللرابع الدية تماما وجعل ذلك على عاقلة الذين ازدحموا، وفي سند الأخيرة إلى مسمع ضعف، فهي ساقطة، والأولى مشهورة وعليها فتوى الأصحاب).
إذا اتفق المباشر والسبب فالمعروف ضمان المباشر بل ادعي الاجماع عليه، فإن تم فلا كلام وإلا يشكل، لأن مجرد كون المباشر أقوى لا يوجب نفي ضمان الآخر وقد