ثم إن ظاهر كلماتهم أنه مع العذر استناب الحاكم من يحكم بينهما من دون اشتراط كون النائب واجدا لشرائط القضاء والحكم وهذا مناف لما هو المعروف من أن القضاء غير قابل للوكالة بمعنى أنه مع الأهلية يحكم بالاستقلال لا بالوكالة عن غيره ومع عدم الأهلية ليس له القضاء، فتأمل.
وأما حرمة الرشوة فهي مجمع عليها، بل قيل اتفق المسلمون عليها وقد سبق الكلام في حرمتها في كتاب التجارة وقد يفرق بين الرشوة والهدية، قيل إن الرشوة هي التي يشترط باذلها الحكم بغير حق والامتناع من الحكم به والهبة هي العطية المطلقة، وعلى هذا فإذا قصد به الحكم بالحق لا يحرم على الباذل وإن كانت محرمة على الآخذ بخلاف الصورة الأولى وكيف كان فقد حكي عن النبي صلى الله عليه وآله قال: " لعن الله الراشي والمرتشي " (1) وعن أبي عبد الله عليه السلام قال " الرشاء في الحكم هو الكفر بالله (2)). " وقيل: هي في اللغة الجعل واستظهر أن المراد بها هنا ما يعطى للحكم حقا أو باطلا فتخصيص البعض بأنها التي يشترط بإزائها الحكم بغير الحق والامتناع من الحكم بالحق غير جيد، فالحرمة متوجهة إلى الراشي أيضا، إلا أن يتوقف الحكم على ذلك فلا يحرم ويجوز ولكن ليس حينئذ أخذا بالحكم الحق بل استيفاء الحق بوجه كالمقاصة ويمكن أن يقال: صدق الرشوة في صورة بناء الحاكم على الحكم بالحق مشكل، قال في المجمع والرشوة قل ما تستعمل إلا فيما يتوسل به إلى إبطال حق أو تمشية باطل إنتهي، وعلى هذا فلو كان نظر الحاكم إلى جواز أخذ شئ