الناس فيكثر عجبي من أقوام لا يتولونكم ويتولون فلانا وفلانا، لهم أمانة وصدق ووفاء، وقوم يتولونكم ليس لهم تلك الأمانة ولا الوفاء والصدق، فاستوى أبو عبد الله عليه السلام جالسا فأقبل علي كالغضبان، ثم قال: لا دين لمن دان الله بولاية إمام جائر ليس من الله ولا عيب [عتب - خ ل] على من دان بولاية إمام عادل من الله، قلت: لا دين لأولئك ولا عيب على هؤلاء؟ قال: نعم لا دين لأولئك ولا عيب على هؤلاء ثم قال:
ألا تسمع لقول الله عز وجل " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور " يعني ظلمات الذنوب إلى نور التوبة والمغفرة بولايتهم كل إمام عادل من الله وقال " والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات " إنما عنى بهذا أنهم كانوا على نور الاسلام، فلما أن تولوا كل إمام جائر ليس من الله خرجوا بولايتهم من نور الاسلام إلى ظلمات الكفر، فأوجب الله لهم النار مع الكفار، فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ".
وأما اعتبار شهادة الذمي في الوصية فهو المشهور، ويدل عليه قوله تعالى " شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غير كم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت " على تقدير تفسير " منكم " بالمسلمين و " غير كم " بالذميين وعدم نسخه بقوله تعالى " وأشهدوا ذوي عدل منكم " فإنه قال في الخلاف حضور الموت مشارفته وظهور أمارة بلوغ الأجل منكم من أقاربكم ومن غيركم من الأجانب إن وقع الموت في السفر ولم يكن أحد من عشيرتكم فاستشهدوا أجنبيين على الوصية، قيل " منكم " من المسلمين و " من غير كم " من أهل الذمة، وقيل هو منسوخ لا يجوز شهادة الذمي على المسلم، وإنما جازت في أول الاسلام لقلة المسلمين وتعذر وجودهم، في حال السفر، وعن مكحول: نسخها قوله تعالى " وأشهدوا ذوي عدل منكم " وظاهر الآية الشريفة تقييدها بحال السفر والضرورة.
ويدل عليه حسنة هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل