وقد يقال: إن وجه الدية فوات محل القصاص بناء على أن فواته مع عدم تركه له تؤخذ منها الدية يقتضي ثبوته على الأقرب.
وربما يشهد له في الجملة خبر أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليهما السلام (قلت له:
دخل رجل على امرأة حامل فوقع عليها فقتل ما في بطنها فوثبت عليه فقتلته، قال: ذهب دم اللص هدرا وكانت دية ولدها على المعقلة) (1) كما أن وجه عدم وقوعه قصاصا عن ولدها لأنها قتلته دفعا عن المال فلم يقع قصاصا، ومنه يعلم الوجه في قتله دون قطعه، وإيجاب المال دليل على أن مهر المثل في هذا لا يتقدر بخمسين دينارا بل بمهر أمثالها بالغا ما بلغ، وحينئذ تنزل هذه الرواية على أن مهر أمثال القاتلة هذا القدر.
ويمكن أن يقال على فرض تمامية ما ذكر من أنه مع فرض فوات محل القصاص مع عدم التركة تؤخذ الدية من العاقلة لم يفصل في الرواية بل لم يفرض عدم التركة لأنه ذكر فيها لزوم أربعة آلاف لمكابرته فيما ترك، وما ذكر من عدم وقوع قتل السارق قصاصا من جهة كونه دفعا عن المال لا شاهد عليه، ومجرد احتمال هذا مع عدم الاستفصال لا يجدي، وما ذكر أخيرا من تنزيل مهر القاتلة على أن مهر أمثال القاتلة هذا المقدار يشكل بأنه مع اختلاف النساء في كل عصر من جهة الرفعة والضعة فالمهور تختلف، وليس السؤال عن قضية تكون المرأة حالها معلومة فمع جواز تخصيص الأصول و القواعد المسلمة في الفقه لا مانع من العمل بالرواية مع صحتها، ومع الإباء يرد علمها إلى أهلها.
وأما الرواية الأخرى فهي رواية عبد الله بن طلحة أيضا عن الصادق عليه السلام في الكافي والتهذيب والفقيه ولفظها (قلت له: رجل تزوج امرأة فلما كان ليلة البناء عمدت المرأة إلى رجل صديق لها فأدخلته الحجلة، فما دخل الرجل يباضع أهله ثار الصديق واقتتلا في البيت فقتل الزوج الصديق وقامت المرأة فضربت الزوج ضربة فقتلته بالصديق، فقال: تضمن المرأة دية الصديق وتقتل بالزوج) (2).
والفقهاء لم يعلموا بمضمونها من جهة ما فيها من ضمان المرأة دية الصديق،